الشورى في ميزان المسلم(مدارج الصالحين)

الشورى في ميزان المسلم
*******************

أشرنا في مقال سابق الى مهمة الانسان ومغزى وجوده في حمله أمانة الله

وقدر الله أن يكون الانسان حرا في اختياراته وارادته ، ونتابع ان شاء الله تعالى

في انتماء هذا الكيان الى جماعة ومشاركتها الحياة الاجتماعية ، واسمحوا

لي ان نختار معا "الجماعة المؤمنة " كونها حاصلا تلقائيا من تدين الفرد

وايمانه ، وما يفرضه ذلك من تبعات .

لما كان الناس مستخلفون جملة على سلطة الارض ، فان لكل منهم انطلاقا

من منطق المساوات في العبودية لله عز وجل ، نصيبا من هذه السلطة ،

فهم شركاء فيما آتاهم الله من فضله ، لذلك كان تغول البعض على حق

الآخرين طغيانا وظلما ، والدفاع عن حق الممارسة الحرة واجبا وضرورة .

وما دام الناس شركاء أحرارا سواسية ، فكان لا بد من التعاون فيما بينهم ،

واول ما يخطر على البال عند الحديث عن التعاون ، التشاور !

ولما كان سعي الفرد المسلم لتحقيق معنى الربوبية المطلقة لله عز وجل

في واقعه وحياته ، وبالتالي سعيه لاقامة شرع الله في الارض ، فانه

يسعى الى جانب اخوانه ، مشكلين بذلك الجماعة المؤمنة ،

والاستعانة بالجماعة فرضا من فروض الاسلام ، وما لا يتم الواحب الا به

فهو واجب .

وفي سياق الجماعة ، تصبح المشاركة أمرا حتميا ، وتصبح معها الشورى

من مقتضيات التعاون الاساسية ، والشورى في الاسلام حكم يصدر عن

اصول الدين وقواعده الكلية .

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير في كل صغيرة وكبيرة

من المسائل العامة ، وخاصة في المسائل التي تستدعي خبرة الراي

وسرعة العزم ، وربما اخذ بمشورة اصحابه ،على غير ما كان يراه ، كما

حصل في غزوة أحد ، فقد كان رايه صلى الله عليه وسلم الاعتصام

بالمدينة ، الا ان الشورى انتهت الى الخروج ، وكان في الراي خطأ تكتيكيا ،

ورغم ذلك ؛ اقتضت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستجابة

للشورى ولو كانت خاطئة بنتائجها ، حتى لا يزهد المسلمون بالشورى .

وكان التوجيه والتسديد الرباني بقوله تعالى في سورة آل عمران –الاية159:

(فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ).

وفي آية أخرى ، ذكر الله واحدة من صفات اهل الايمان :[ وأمرهم شورى بينهم ]( سورة الشورى : 38 )

لذلك كانت الشورى نظام حياة ، تجدها في الشعائر ، وتجدها في الممارسة

السياسية ، وتجدها في الاسرة ، وفي المعاملات الاقتصادية وغيرها ،

وهذا يفرقها عن الديموقراطية ، من وجه ان الاخيرة مجرد تعبير سياسي

وممارسة سياسية ، لا تحمل أي حصانة اخلاقية او دينية بعكس ما هي

عليه الشورى في حياة المسلم .

(وللحديث بقية )
*******
طرابلس آذار 2013

» المرأة في ميزان الاسلام (مدارج الصالحين)
» ميزان الايمان في بناء الانسان (مدارج الصالحين)
» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)