بعض من ذكريات

موضوع: بعض من ذكريات الخميس سبتمبر 27, 2012 2:44 am

بعض من ذكريات

جلست اتصفح واحدا من ملفاتي العتيقة ، واسترعى انتباهي معلومة سبق لي ان دونتها

في احدى صفحات الملف ، ومصدرها وثائق تركية رسمية .

تقول المعلومة :

" لم يزد عدد الذكور في راسنحاش سنة 1906 عن 80 شخص"

ولا ادري كيف استطاعت المعلومة ان تتمدد في عقلي ، وان تستدرج خيالي

وأن تأخذني الى اعماق الذاكرة ، لتقلب صفحات قديمة

عادت بي الى ايام الطفولة ،

ها أنا ذا اقترب من سنواتي العشر واليوم عيد

تانقت بثيابي الموسمية الجديدة ، وحملت بيدي كيسا ، وبكرت جدا

ورحت اطوف البيوت بيتا بيتا ، يرافقني بعض الصبية

كنا نشكل مجموعات صغيرة ، ولم يكن الامر مقتصرا على الصبية فقط

وكان واجب العيد كما نتصوره يحتم علينا ان لا نترك بيتا دون ان نمر به

وما لم ندركه اليوم فلا باس بالثاني من ايام العيد

كما ان الاهالي قد ادوا واجب العيد ايضا بما نستحقه ، فقد عملوا حسابنا تماما

فعند شرائهم " للنقولات " كان لا بد من تذكرنا ، فحصة الاولاد المعايدين تاتي اولا.

" ملعايدين "

كلمة لا ادري كيف وصلتنا ، المهم انها لازمة العيد والكلمة الجوهرية التي علينا التلفظ بها

وربما تعلمنا بعض الاضافات مع الايام ، كان نقول كل عام وانتم بخير

او العيد القادم نشوفكم في عرفة ....

كان ذلك علامة على نضوجنا الى حد ما

المهم اننا لم نك نترك بيتا واحدا دون زيارة

كان مهما ان نتباهى ، اينا ملأ كيسه اكثر

كانت القرية صغيرة فعلا

وكنا جميعا نعرف بعضنا بعضا ، صغارا وكبارا ، اناثا وذكورا

عند هذه النقطة كان عقلي يستدرج الارقام

يحاول ان يركب متوالية هندسية او رياضية لا فرق

بدايتها ، ثمانون ذكرا سنة 1906

وفجأة ضحكت

كم كنا بسطاء ، غير اننا كنا سعداء فعلا

تذكرت يوم ان اكتشفت انه علي الاعتراف بان لي اما اخرى لم تلدني

انها الولادة

البلد الصغير باهله يومئذ ، كان يتسع لحب كبير

وكان يستخرج ادوات جميلة لمزيد من الالفة والمحبة

ربما المعايدة الجماعية واحدة من تلك الادوات

وغيرها كثير

كتعاهد الجيران بعضهم البعض بتبادل ما يعدونه من طعام

واجتماع النساء على الفرن للمساهمة في اعداد الخبز و......ما ادراك بامور النساء على الفرن

رحمك الله يا ام عزت ، سيدة الافران الحطبية بلا منازع ، وان نافستها قليلا المرحومة سكينة

وبالمناسبة كانت ام عزت ايضا اما ولادة

ربما كانت آخر الامهات الولادات

سالت امي يومها ، عن ولادتي ، امي الثانية

التقيت الحجة زاهية على عكازها ، قبلت يدها

وكان آخر عهدي بها رحمها الله

وكان لابناء راسنحاش ولادة ثالثة

كانت الحاجة حميدة كنعان رحمهم الله جميعا

اقلب الان هذه الصفحات ، وافتح عيني على واقع آخر

راسنحاش كبرت ، وتغيرت تقاليدها وعاداتها

واصبح لزاما علينا ان تستخرج آليات متجددة لمزيد من الالفة والمحبة

وهذا يحتمه علينا الواجب الانساني والتزامنا الديني كوننا مسلمين

فراسنحاش تستحق ونحن ابناؤها

أمين قلاوون