أخ لم تلده أمي

موضوع: أخ لم تلده أمي الأحد سبتمبر 30, 2012 4:20 pm

أخ لم تلده أمي

انها الجمعة الرابعة

اعتدنا ان نلتقي دبر كل صلاة جمعة بعد ان جمع الله بيننا ثانية بعد غياب طويل

لا اكاد انهي صلاتي وتسبيحي ودعائي حتى اشعر بدنوه مني

دائما يسبقني بابتسامته وسلامه ويده الممدودة بالشوق والحب

الا ان جمعا ثلاث مضت ،لم أره فيها ، وهذه الرابعة ، تراه يأتي؟

سلم الامام وسلمنا ، جلست الى وردي ، غير ان طيف صديقي يأبى الا ان يشاركني جلستي

مرت لحظات خاطفة ، ربما بعمر الزمن مجرد دقائق معدودات

الا ان طيف صديقي أخذني الى ركن بعيد في ذاكرتي

كنا في الثامنة عشر من عمرنا ، انا وحسام ومحمد وايمن وحسن والجزار الشهيد رحمهما الله.

ولسان حالنا يقول

فاله الحق نادى فسمعنا.........واستجبنا وأتينا طائعينا

لم يكن في حارتنا اي مسجد يومها ، واقرب مسجد يبعد عنا مسير ثلث الى نصف ساعة

وتعاهدنا على العمل لنصرة ديننا ، وللدعوة الى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر

واتخذنا من غرفة تحت السلم (يستخدمها البواب) مركزا لنشاطنا .

واذكر ان اول عمل استقر عليه أمرنا ، ان نستنهض الهمة لصلاة الفجر في المسجد (اورغونشاه او المنصوري الكبير)

وكيف لنا ذلك ، ولبنان في خضم الحرب الاهلية ، ولا أمن ولا امان ، الا انها همة الشباب .

ثم كيف يمكننا ترتيب لقائنا للمهمة العظيمة

كانت فكرة حسم غريبة ، الا اننا نفذناها بجدارة

كان منزل محمد في المبنى المجاور ويعلو ا داره دارنا بطابق واحد ، ربطنا باب مطبخه بباب مطبخنا وكانا من الخشب

ويكفي احدنا ان يشد الحبل حتى يحدث الضجة المطلوبة ليقوم الاخر من نومه

ثم نوزع المهمات بيننا لاستنهاض الآخرين ، وكان منزل حسن رحمه الله ارضيا ، فكانت الخطة ان يربط يده بخيط

يرميه من النافذة ، ويكفي ان نشد الخيط ليقوم من نومه .

وكان نشاطنا والحمد لله مميزا وان شابته أخطاء كثير لقلة خبرتنا ولحداثة عمرنا ولحميتنا وقلة فقهنا

هذه الاخطاء ،كان من نتائجها هجرة الاخ محمد الى ليبيا ولم يعد الى اليوم

ومنها انحراف ايمن هداه الله واعاده الى جادة الحق والصواب

واستشهاد الجزار ، خطفه الشيوعيون ثم تركوه شهيدا على قارعة الطريق

ثم توفي حسن في حادث سير اليم

وفرقت الايام بيني وبين اخي حسام ، بسبب هجرته الى كندا

ثم منذ سنة عاد الى لبنان وقد تزوج وانجب وادى فريضة الحج بفضل الله

ثم انعم الله علينا بعد غياب طويل بنعمة اللقاء ، عقب صلاة الجمعة في مسجد النور .

وكان ان تعاهدنا على دوام اللقاء ، الا ان جمع ثلاث مرت ولم التقيه .

وشعرت فعلا اني افتقده

أراك بقلبي والقلوب هي التي ......ترى كل شيء بالحقيقة والمعنى

لئن فات عيني أن تراك فانها.........توكل فيك القلب والفم والاذنا

وكل صديق قلبه عنك غافل.........اذا غبت لا تجعل لصحبته وزنا

وصدق الفتى في الحب أن يجعل الفتى....لمثلك في احشائه البيت والسكنى

لقد أفاض الله علينا من كرمه في هذه الدعوة المباركة ، ان تعلمنا في حلقاتها معنى الاخوة الحقة

تعلمنا قيمة الصداقة عندما تجتمع على الله وفي الله ولله

تلك القيمة الانسانية التي ارادها رسول الله حين آخى بين المهاجرين والانصار

عشنا الاخوة باجمل معا نيها من خلال التربية الاسرية ، والعمل الطلابي والكشفي وغيرهما

مارسناه فعلا في مشروع المؤاخاة ، حين ضيقت الدنيا على بعض اخواننا ،

وحين هجرت الحرب الاهلية بعضهم ، وحينما هدمت مساجد وبيوت وضيع.

مرت اللحظات سريعة ، غير انها كان ثرية بما حملت الي من جميل تلك الايام التي قضيتها الى جانب اخواني

وشعرت فجأة براحة لا تعدلها راحة

شعرت بطيف أخي حسام

التفت ورائي ، واذ به يلقاني بابتسامته الجميلة ويده الممدودة

قمت اليه ولساني يردد قول الشافعي

سلام على الدنيا اذا لم يكن......صديق صدوق صادق الوعد منصفا

و أبياتا لابي العتاهية

إن أخاك الحق من كان معك........ومن يضر نفسه لينفعك

ومن اذا ريب الزمان صدعك ......شتت فيه شمله ليجمعك

*******

أمين قلاوون