دود الخل منه وفيه

دود الخل منه وفيه

لعلّ الناظر في حال الامة الان ، وقد تكالبت عليها الامم شرقها وغربها ، وانبعث اشقاها يتلمس بين من تكالب عليها حظه
مدفوعا بما يطلبه من ثارات موهومة ، فعل مكرر رغم الخيبات التاريخية ، لكنها عقيدة فاسدة ، تماما كمثل اولائك الذين يكرر عليهم تلمودهم انهم شعب الله المختار ، وان الارض وما عليها ملك مسخر لهم ، وما عليه الحال ؛ لا يعدو ان يكون ملكا مسلوبا من قبل " الجويم " .
لكن كم نحن بحاجة الى فهم الواقع ، واستقرائه بدقة ، وادراك اسباب ما حصل ، ومن ثم تلمس المخرج مما نحن فيه ، فهل الى ذلك من سبيل !!!.
المثل الشعبي القديم يقول " دود الخل منه وفيه " ، واعتقد ان الواقع يثبت صحة المثل الشعبي ولا ينكره ،
يحلو للبعض ان يكرر على مسامعنا قصة المجد التليد ، عندما كانت مظلة الامة تفيء على العالم باثره ، الا أنه لا يتجاوز الخبر التاريخي الى مكمن القوة فيه ، الحائط الصد القوي فكريا و اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، ذلك الحائط الذي لم نتعهده حكاما ومحكومين ، فكان ان ضعف ، واغرى ضعفه كل الطامحين ، فكان التشرزم والضعة سيدا الموقف ، ثم عهدوا بتلك الشرازم الى مؤسسات مصلحية وظيفية ، لا يتجاوز همها الحفاظ على تلك المصالح الموهومة ، ولو لزمها الامر الانصياع الى المتطلبات الوظيفية التي يمليها الراعي المهيمن .
ثم بلغ بنا الامر بحجة الدعوة والاستنهاض الى هيئات وتيارات وطلاب علم ، وانصاف علماء ، تعرف منهم وتنكر ، وسلسلة لا تنتهي من الانقسامات ، على شاكلة الخلية الحية ، انقسام يتلوه انقسام
وفشا بين بعضها الكِبر ، والجهل باحكام الشريعة وقواعد الفقه ، وفقه الاولويات ، وفقه الواقع ، والاصل والفرع ، فاتهم بعضهم بعضا ؛ بين مبتدعون وقبوريون ، ومشركون وكفار ومرتدون ...الخ التصنيف ، فعمَّ البلاء وزاد الابتلاء .

نعم نحن بحاجة الى استنهاض واصلاح ، ولكن البداية تكمن في اصلاح منهجنا الفكري ، فالامة تحتاج لابنائها جميعهم ، ولكن ايضا الى لغة مشتركة يتحدث بها هؤلاء

ان كنا نختلف نحن حول فهمنا للاسلام ، وحتى السلفية نفسها " كتيار" لم يعد واحدا في فهمه للاسلام ، فمن اين لنا استنهاض الواقع وتحريكه ، وفي اطار ماذا يتحرك ؟؟؟

نحن لم نعد نتحرك بالاسلام في واقعنا كما يجب ان نتحرك ، ولم نعد نسمح للاسلام ان يتفاعل في حياتنا فكرا وسلوكا ومنهجا ، فكيف نستغرب ذلك الانحراف الكبير في واقع الامة ؟

لقد كان البعض منا، بافكاره ومناهجه المنحرفة باسم الاسلام والجهاد والدعوة الاداة والوسيلة التي يستخدمها العدو في كسر ما تبقى لدينا من شوكة ان وجدت !!

ومع الاسف حتى اجهزة المخابرات "المحلية " استمرأت اللعبة ،وباتت تستسهل صناعة الحركات والتيارات والشخوص الاسلامية ، في اطار مشاريع لا تمت لمصلحة الامة بصلة ، ووقودها شباب متحمس لواقع افضل ولما يظنه جهادا في سبيل الله ونصرة للاسلام .

اذا المشكلة الاساس فينا نحن المسلمين ، ومناط الحل ايضا فينا نحن ، وقبل ان نحمل الطليان واشباههم المسؤولية ، فلنحملها نحن ، فهل نكون على مستوى المسؤولية ، ونتوقف على محاولات لي اذرع بعضنا البعض ، ام نبقى على المشهد الكئيب الحزين !!..

كلمات قليلة ، اريد بها وقفة هادئة ، لتقييم الواقع ، لفهم ادق لما نحن عليه ، وما نصبو اليه ، ولمخرج ينقذ ما تبقى ، فهل نفعل ؟؟

أمين قلاوون·20 يوليو-2016