خشيت ان اقطع لساني

خشيت ان اقطع لساني

توقفت عند شاربي اشذبه ، وقد اتسعت المرآة لوجهي انظر اليه .

تاملت لحيتي المنهزمة امام اقتحام الشيب لها ، فتذكرت الصحابي الجليل "زيد الانصاري"

قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "أدن مني" فمسح بيده الشريفة على رأسه ولحيته,

ثم قال : (اللهم جمله وأدم جماله)

فبلغ بضعا ومئة سنة وما في رأسه ولحيته بياض, إلا نبذ يسير,

ولقد كان منبسط الوجه, ولم ينقبض وجهه حتى مات,

وتذكرت دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فكررته

" اللهم كما حسنت خَلقي فحسن خُلقي وحرم وجهي عن النار.

غير ان المرآة لم تمهلني اذ بسطت الي بسحرها لتنقلني عبر الذاكرة الى عمر كنا فيه

نقف كالبلهاء امام المرآة لنسخر من انفسنا باشكال شتى ، يلعب فيها اللسان

الدور المحوري والابرز.

كيف لا يكون ذلك ، واللسان فيه من امره العجب .

وما اكثر الاستخدامات اللفظية المستعار فيها اللسان

فتوقفت عند دعاء نبي الله ابراهيم عليه السلام الوارد بقوله تعالى

"رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ {الشعراء:83-84}.

فلسان الصدق هنا هو الثناء والذكر الحسن.

وتذكرت لسان العرب " القاموس الذي احاط بكلمات اللغة العربية ايما احاطة ، ولكل قوم لسان

وفي لسان العرب:اللُّغَة أصوات يعبّر بها كلُّ قومٍ عن أغراضهم.

ثم ان القرآن الكريم كلام الله لسان عربي مبين :

قال الله تعالى: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}النحل.103

وقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} الشعراء 195

ويقول: {لِسَاناً عَرَبِيّاً} الاحقاف12

وفي هذه الايات الامر العجاب ، فيه من الرد الواضح على القائلين باحتواء القرآن على كلام اعجمي.

ثم هناك لسان الحال ، فيما يعبر عنه ممثلوا التجمعات على انواعها ، فيما يطلق عليه الناطق الرسمي

فهو يعبر عن لسان حال التجمع المعني .

واضحكني جدا تلك التسمية الطريفة " لسان الحماة" وتطلق على نوع من النبات المستخدم طبيا

وسبب التسمية انها تمتد ما بين السبع الى ثمانية امتار في ليلة واحدة .

وعلى شاكلته هناك لسان البقر (نوع من النبات المستخدم طبيا)

ولا ننسى انه ثمة امور كثيرة تجري على كل لسان ، للتعبير عن الاشاعات التنقلة

وكذلك زلات اللسان ، وهي اكثر ما يقع فيه العاملين في الحقل السياسي ، حتى باتت صفة لازمة

وثمة استخدامات اخر كأن يقال :امرأَة مُلسَّنةُ القَدَمين.

وفي الحديث: إِن نعله كانت مُلسَّنة أَي كانت دقيقة على شكل اللسان،

او ان يستخدم للاشارة الى التقاضي ،او الى الميزان وفي ذلك يقول ثعلب Sad

عن الميزان)

ولقد رأَيتُ لسانَ أَعْدلِ حاكـمٍ ................. يُقْضَى الصَّوابُ به، ولا يتَكَلَّمُ

و اللِّسان قد ياتي بمعنى الرِّسالة والمقالة؛ ومثله ما قاله ابن بري:

أَتَتْني لسانُ بني عامِرٍ،................... أَحاديثُها بَعْد قوْلٍ نُكُرْ

قال: وقد يُذَكَّر على معنى الكلام: قال الحطيئة:

نَدِمْتُ على لسانٍ فاتَ مِنِّي، ........فلَيْتَ بأَنه في جَوْفِ عَكْمِ

ثم ان للسان مذاقا للدلالة على حسن الكلام او ضده ، كان يقال حلو اللسان او مر اللسان

ويبقى اللسان اخطر جارحة في الانسان ، فهي ترجمان قلبه ، وجنته او ناره

وليس ادل من حديث معاذ بن جبل على ذلك

عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال:

قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار

قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله -تعالى- عليه، تعبد الله

ولا تشرك به شيئا ،وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت

ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أدلك على أبواب الخير؟

الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل،

ثم تلا قوله -تعالى-: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ: يَعْمَلُونَ

ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله

قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله،

ثم قال:

ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله.

فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا.

قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟

قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم،

أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم

رواه الترمذي

كل ذلك دار في خلدي ، وانا امسك بالمقص ، وعيناي مسمرتان في المرآة

تركت المقص ونفضت راسي قليلا ، ابتعدت عن المرآة ، وقد خشيت ان يتمتد المقص

فيقطع لساني
******************

أمين قلاوون