السجل المحفوظ

السجل المحفوظ

دوي هائل ...كتلة ملتهبة ترتفع ....هواء ساخن يصفعني بقوة......

زجاج يتناثر فوق راسي وأشياء أخر

كل شيء حولي تغير بلمح البصر

لا ارى سوى دخان وغبار ونار

وجدتني قادرا على الحركة ، فاخذت طريقي وسط الدمار الى الخارج

لم يكن ذلك سهلا على اي حال، كان علي ان اتخطى عوائق كثيرة

فكل البضائع التي كانت مرصوفة بعناية فوق الرفوف ، راكمها عصف الانفجار فوق بعضها البعض

وتركها طعمة النار ، كل شيء حولي يحترق

تمالكت نفسي ، ورحت اتبين طريقي بهدوء بالغ ، وبحذر شديد

اسرعت امد يدي الى احدى الموظفات ، كانت تئن من كثرة الجراح

خرجنا معا ، كنا آخر الخارجين

لكن ...الى المستشفى

هناك....عشرات الجرحى ...وسقط عدد من القتلى

كنت في الطابق الاول ، وقد ركنت السيارة المفخخة على الرصيف ، تحتي تماما

كانت اصابتي بحمد الله طفيفة ، ولم تكن اصابتي الاولى

فقد اصبت سابقا في انفجار مماثل

كان الشيخ يخطب الجمعة ، فجأة رايته يطير في الهواء

واحسست يومها بحرارة الدم يسيل من راسي ويغطي وجهي

المشهد يتكرر

اصوات سيارات الاسعاف وصراخ وضجيج ، وقتلى ودماء وجرحى تملأ المكان

في مكان آخر ، في غرفة باردة جدا ، يجلس رجل قاسي القلب

ينظر الى الهاتف ، ينتظر المكالمة المشؤمة ....نفذت العملية

فينقد العميل (بائع الوطن والدين) المبلغ الوعود .

......

عدت بعد ايام الى الشركة اتفقد ما افضت اليه الجريمة من خراب

يدفعني الى ذلك مسؤوليتي تجاه الشركاء ....الايتام منهم تحديدا

كانوا اطفالا ، بكفالة عمهم مدير الشركة

الحطام وآثار الحريق في كل مكان ، ، بقي امامنا خزانة حديدية مقفلة

عمد المدير الى فتحها بالقوة ، بعد أن تعذر عليه فتح القفل

كانت المفاجأة المفرحة وسط كل تلك الكآبة

كل ما فيها كان سليما

وكل ما فيها كان ملكا للايتام تحديدا

ومن بينها بعض المصوغات الذهبية

والاهم ، سجل خاص اكلت النيران اطرافه وسلمت محتوياته

وقد دونا فيه حقوق الايتام فردا فردا في نهاة كل سنة مالية

كم كانت فرحتي عظيمة ، وكم ساعدني ذلك فيما بعد

كانت لحظة عظيمة بالنسبة لي ، لحظة للتفكر والاعتبار

لحظة فتحت في ذاكرتي نافذة الى مواقف واحاديث تعلمناها

تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي ذر يوصيه

" يا أبا ذر اني أراك ضعيفا ، واني احب لك ما أحب لنفسي ، لا تؤمرن على اثنين ، ولا تلينَّ مال يتيم "..رواه مسلم.

وتذكرت فيما يرويه ابو هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا شكا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه ، فقال:

" امسح رأس يتيم ، وأطعم المسكين "..رواه أحمد

وتذكرت التحذير القرآني الرهيب وإلانذار الشديد لمن يتطاول ويتجرأ على أكل مال اليتامى ظلماً بغير حق،

فلقد قال الله جل وعلا:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10]

فكم من أموالٍ لليتامى قد أكلت ظلماً

فوالله : إن لقمة خبز من أموال اليتامى بغير حق

و إن شربة ماء من أموال اليتامى بغير حق ، إنما هي نار تغلي وتتارجح في البطون.

ضربة قاسية ، ولكن الدرس ابلغ

والعبرة اثمن

وتبقى وصيتي لمن يقدر ،

فان كفالة اليتيم تفتح لك بابا الى الجنة والى صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلا تضيع الفرصة

وآخر دعوانا: ان الحمد لله رب العالمين

أمين قلاوون