تعثرت رسالتي بنقطة

تعثرت رسالتي بنقطة

رُدَت عليَّ رسائلي وأُلقِيَت في وجهي وطَفِقتُ افتش عن السبب ، فوجدت انها

تعثَرت بنقطة

فقد كتبت الرمز البريدي لصديقي منقوصا منه تلك النقطة التي استغبت رسالتي ،

غير انها استنهضت ذاكرتي ، فتذكرت نقاطا كثيرة استوقفتني حينها وحفرت لها

مكانا في ذاكرتي ،

وها هي الان تتراقص امامي وسابوح لكم بمضامينها.

اولها " نقطة حزم"

نقطة حفرها ابي ، فاذكره ينهي بحزم نقاشا مع امي فيرتفع صوته قائلا :

"انتهينا خلص نقطة على السطر" ، وبطبيعة الحال ستُنهي النقاش تماما ويبقى

لامي ان تحوقل ثم ...تسكت خاضعة لحزم النقطة.

ثم النقطة الاملائية

نقطة حفرتها معلمتي في مسابقة الاملاء (اللغة الفرنسية) ،

كنت اترقب تلك النقطة بشغف شديد ، وكانت تخيبني اذا تبعتها بكلمة على السطر

، بطبيعة الحال كنت اريدها خاتمة سعيدة ،لا كلام يعقبها ، وانما تنهيدة راحة ،

واعلانا بانتهاء مصيبة المسابقة .

ثم هناك نقطة تحمل صفة " جيدة " ،

واطلق التسمية هذه " نقطة جيدة " استاذ الرياضيات ، ورغم انها بطاقة كرتونية

اصغر من حجم الكف ، الا ان قيمتها الحقيقية اذا جُمعَت (النقاط) ، في انها ستزيد

من العلامة الشهرية او الفصلية وفقا لمزاج استاذنا ،

لذلك كنت اجتهد في جمعها .

وبما انني كنت بفضل الله الاول في المادة ، وان علامتي ستنطح سقف المعدل ،

الا انني كنت حريصا على جمع اكبر عدد ممكن من هذه النقاط ،

وما زلت الى اليوم اتباهى امام اولادي بذلك تحفيزا لهم .

ثم تاتينا " نقاط البحث" ،

وهذه كلما زاد عددها زاد معها تذمرنا ،

فهي ثقيلة بطبيعتها ، مستهلكة للوقت ، تتغذى على اعصابنا وعقولنا ،

رغم ذلك نقبل عليها ، نتنافس في ثبر غوارها ، نشبعها تدقيقا وتمحيصا ، نستلهم

نتائجها ، نفرح بانجازتنا فيها ، وفي النهاية فهي تحكمنا ولا نحكمها .

وادهى النقاط وامرها ، " نقطة الخلاف "

فهي ثقيلة الوطأ ، مستفزة ، تستنزف اعصابنا فترهقها، وربما ادمت القلوب ، وابكت

العيون ، وفرقت الاحبة ، وهدمت صروحا ، فهي مطية الشيطان ، ومدخله الى

حياتنا ، ومعراجه الى قلوبنا ،

اكره هذه النقطة ، غير اني لا املك الا ان احترمها ،وان التمس لصاحبها الاعذار ،

فهو على اي حال مغبون بهذه الصحبة ، فهي اختارت صحبة بني آدم ، دون استئذان

منه او اختيار .

وهناك نقطة اختارت موقعها فوق الحروف ، فبدلت وغيرت ، ولعبت لعبتها بكل جدارة

، فلم يعد بالامكان الاستغناء عنها باي حال ،

هل تتصورون انها باستلقائها على الحاء في ( الحروف) تقلبه الى (خروف )

او ان تتخلى النقطة عن الخاء في كلمة ( خمار ) فتنقلب الى ( حمار ).

وليسبح الخيال او الواقع لا فرق ، في خضم الحروف وتراكمها الى كلمات ، وليرى

العجاب في المعنى والمبنى ، ولنكتشف ان النقطة هذه ، تلهو فوق الحروف

لتشكل معنى الحياة وشكلها.

وهناك نقطة المكان ، ولا مكان لها ، تسرع الينا بيد ممدودة لتساعد في تاكيد

مكان لقاء او ايضاح موقع ، كان نقول المكان الفلاني عند النقطة الفلانية ، او قريبا من

النقطة العلانية، او نقطة انطلاق ونقطة وصول .

والنقطة لا تنقضي عجائبها ، فقد اخذت موقعها في عالم الانترنت ،

وتكنت ب(دوت نت) والزمتنا بالاعتماد عليها في هذا العالم الافتراضي بكل امتداداته

، وبقيت هي حقيقة لا تقبل الافتراض ، ودليل ذلك اني حين اهملتها في رسالتي

الى صديقي ، ردتها في وجهي .

واخيرا اسمحوا لي انا امين قلاوون وقدارتضت النقطة ان تاخذ موقعها في نهاية اسمي

ونهاية كنيتي ، ان انهي رؤيتي هذه بنقطة

بنقطة ملزمة .

أمين قلاوون