ففروا الى الله (مدارج الصالحين)

ففروا الى الله
***********

كتب مقاله مفتتحا بآيتين كريمتين من سورة الذاريات

"فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّى لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٌ۬ مُّبِينٌ۬ (٥٠) وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّى لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٌ۬ مُّبِينٌ۬(51)- .

وقد جلس الي وهو يحمل بيانه وراح يقرأ علي ما كتب :

وردت هاتان الآيتان من سورة الذاريات ، بعد الاشارة الى قدرة

الله في خلق هذا الكون بما فيه من آيات وبدائع و اعجاز ، سواء

في السماء أو الارض ، هذه الارض التي أعدها الله لتكون مهدا

ومحضنا ممهدا للحياة .

وبعد أن يكشف لنا الله عن حقيقة كونية قدرها جلََّ وعلا،

وجعلها قاعدة الخلق في هذه الارض وربما في الكون ،

قاعدة الزوجية في الخلق سواء للاشياء أو الاحياء.

بعد هذا الايضاح يدعونا رب العزة والجلال ، الى الفرار ،

وأي فرار ! وهل يكون الفرار الا من خطر ؟ ،

واي خطر يحدق بالانسان أشد وطأ من تثاقله الى الارض ،

ينؤ باثقال الذنوب والمعاصي .

ففروا الى الله .

ابتسمت له وقد انهى بيانه ، ومسحت جبينه بيدي وقلت:

الم تلحظ ان الامر بالفرار تحمل من معاني الرحمة بقدر

ما تحمل من معاني القوة ؟

انه حب الله لعباده ورحمته التي وسعت كل شيء ، فلا

يرضيه ضلال العبد !!.

انظر الى الصورة الرائعة التي تشكلها الآيات ، تشير الى

مفاتيح العقول والقلوب بالنظر الى عظيم قدرته وبدائع خلقه

ليستقر امرك بعدها على وسائل أمنك وسلامتك بقرب الاله

بالعودة الى الله ، بالفرار الى ظل رحمته وعفوه .

قال : وكيف ترى مشهد الفرار الى الله يا أبتاه

قلت : بافراد الله تعالى في الالوهية كما في العبودية ،

بالتوجه الخالص لله ، بكل حركة في الضمير ، وكل حركة في الجوارح ،

وكل حركة في الحياة ، دون اشراك هوى او متاع.

فاذا صلحت النوايا ،واستقامت الاعمال استمتع العبد العابد

براحة الضمير وطمأنينة النفس ، وصلاح البال في جميع الاحوال.

واذا فسدت النوايا ، وانحرفت الاعمال ، فسد الضمير وضلت النفس.

وتشوهت صورة الحياة

قال : ساضيف ما قلته الى مقالتي ، كتبتها للوحة الحائط في المسجد

قلت : افعل اذا ولكن للوحة الحائط في الجامعة ، واضف اليها

ايضا بعض الامل ، فباب التوبة مفتوح على مصراعيه ما لم تغرغر ،

قال : ومن يضمن العمر يا أبي

قلت : كلٌ مسؤول عما اختاره ، اما الى الدنيا واما الى رحمة الله،

والاهم ان تختار أنت الدعوة الى الخير ، فما زلنا نؤمن أن الدعوة

"فريضة شرعية وضرورة بشرية "

****************

أمين قلاوون