ميزان الايمان في بناء الانسان (مدارج الصالحين)

ميزان الايمان في بناء الانسان

يا ابن آدم هلأّ نظرت في ملكوت السماوات والارض فتدبرت ؟

او تأملت في أمر نفسك وتبصرت حقيقة وجودك فعلمت وعقلت ؟

هل اخترت يوما ابويك ، او حددت موعد ولادتك و يوم موتك ؟

هل تبصرت في حاجات نفسك وكيف عجزت صغيرا عن ادراك طعامك وشرابك ؟

وعجزت عن مدافعة المرض عنك وحتى عن فهم الكون من حولك

ارايت كيف ضرب الله لك مثلا ، وتحداك في خلق ذبابة

بل عجزت عما هو اقل ،وابلغ وأدل ، فاحسن الى ربك الانابة

اتريد اثباتا على وجود الله؟

احيلك اذا على الشافعي ، وكم كان رائعا حين استخدم ورقة التوت كدليل

قال : تأكلها دودة القز فيخرج منها الحررير، وتاكلها النحلة فيكون منها العسل

وتأكلها الظباء فتنتج المسك ، وتأكلها الشاة فيكون منها البعر

الم تقرأ قوله تعالى في سورة الرعد الاية 4 منها :

"وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء
وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ "

زروع وثمار ،التربة واحدة ، والمناخ واحد، وتسقى من ماء واحد ،

ورغم ذلك تختلف في الوانها واشكالها وطعومها ، فهل من تفسير آلي أصم ؟

ربما كان مجرد لفتة وغيرها كثير ، انما تكفي للتدبر والفهم والعلم

ويبقى نداء فطرتك التي فطرك الله عليها ، ذلك الميثاق الذي أخذه الله تعالى على آدم وذريته من بعده :

"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى
شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ" (172-الاعراف)

ان أسمى غاية للخلق ، وأعظم نتيجة للفطرة الانسانية ، انما هوالايمان بالله تعالى

واعلى مرتبة للانسانية وافضل مقام للبشرية هو معرفة الله تعالى

و ازهى سعادة للانس والجن وأحلى نعمة هي محبة الله تعالى

فكل من عرف الله حق المعرفة ، وملأ قلبه من نور محبته ، سيكون اهلا لسعادة لا تنتهي ولنعمة لا تنضب

غير ان لهذه المعرفة اركان ثلاث ، لا يستقر الايمان بدونها ، وقد اجمع عليها علماء الامة

" تصديق بالجنان ، واقرار باللسان وعمل بالاركان "

وفي ذلك قال الحسن رضي الله عنه :

ان الايمان ليس بالتحلي ، ولا بالتمني ، ان الايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل "

وفيه قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

"ان للايمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا ، فمن استكملها استكمل الايمان ،ومن لم يستكملها لم يستكمل الايمان"

وينظر "السقطي" الى زاوية العمل والسلوك كدليل للايمان فيقول :

"ثلاثة من كنَّ فيه استكمل الايمان :

من اذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق ، واذا رضي لم يخرجه رضاه الى الباطل ، واذا قدر لم يتناول ما ليس له "

ثم ان الايمان يزيد وينقص ،

يزيد بالمحاسبة والمراقبة الذاتية واسراج القلب بنور التوبة وحب الله والبذل في سبيل الله

وينقص بالغفلة والرياء والعجب وما شاكلها من امراض القلوب

فقلب المؤمن اجرد ، سراجه فيه نوره ، والايمان فيه هو ذلك النور المنبعث من سراجه

فينعكس عملا صالحا وقولا سليما وسلوكا مستقيما

ومن انطفأ سراج قلبه ، اظلمت حياته وانعكس سلبا في سلوكه ومعاشه وعمله وقوله

اللهم اهد قلوبنا الى خير القول والعمل وانفعه

أمين قلاوون

» المرأة في ميزان الاسلام (مدارج الصالحين)
» الشورى في ميزان المسلم(مدارج الصالحين)
» الى أمي (مدارج الصالحين)
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)