الديمقراطية وموقعها في الفكر الإسلامي

استجابة لطلب الاخوة الاكارم ، للحديث عن الديموقراطية وموقعها

في الفكر الاسلامي (واستخدمت كلمة الفكر الاسلامي عمدا ،

ولم اقل موقف الاسلام منها ، تهيبا من ان اقف موقفا يصبح معه راي

فتوى ، ولا أظنني اهلا للفتيا).

فالديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال

علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة النظرية .

وقد اشتهر قديما اعطاء معنى للديمقراطية ملخصه حكم الشعب لنفسه،

كما بات مستخدما عبارات على شاكلة ، الديمقراطية الليبرالية (السائدة

في الغرب) ، ديمقراطية تمثيلية ، ديمقراطية مباشرةاو الديمقراطية

الشعبية(كما هو الحال في الصين مثلا)

وسواء هذه ام تلك ، فلا تعدو كونها مصطلحات سياسية مقيدة .

فالليبرالية تعمل على تقييد الاغلبية المنتخبة في التعامل مع الاقليات

الخاسرة .

والشعبية تعمل على لي المفهوم الاساس لتصبح ديكتاتورية وكلاء الشعب

وعموما فان الديمقراطية بمثابة نظام اجتماعي يستند الى ثقافة سياسية

واخلاقية معينة تتجلى فيها مفاهيم على شاكلة تداول السلطة سلميا .

وفي نظرة الى مجتمعاتنا وما عانته طويلا من دكتاتورية الانظمة ، نجد ان

الديمقراطية باتت تعني الحرية ، الامر الذي حدا ببعضهم اعتبار

القيم الديمقراطية قيم اسلامبة ، ومن ثم الى ان الاسلام ديمقراطي.

في حين ؛ يسارع آخرون الى الرفض المطلق لهذه العلاقة ابتداء

باعتبارها منتوجا غربيا يجعل الحاكمية للشعب من دون الله تعالى.

فمن خصائص نظام الحكم في الاسلام :

1- الحاكمية لله ، حيث يمثل الكتاب والسنة مرجعا وحيدا للامة

2- السيادة للأمة، فاختيار الحاكم هو للأمة بواسطة أهل الحل والعقد

3- الدولة الإسلامية واحدة في المبادئ، متعددة في الأشكال

في حين انه في النظام الديمقراطي،

1- فإن حق التشريع للشعب، فالدستور وسائر القوانين هي من صنع البشر
2- السيادة لصناديق الاقتراع ومن خلالها يتم اختيار الحاكم
3-الدولة مدنية في الاساس ، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب

اما النظام السياسي في الإسلام فيعتمد الشورى ويرفض جميع

أشكال الحكم الاستبدادي وكل الأنظمة السياسية الغوغائية والفوضوية.

والحاكم يمارس تنفيذ هذا النظام من خلال الوقوف على رأي فئة

متميزة من ابناء الامة (اهل الحل والعقد ) ، تمثل الامة تمثيلا حقيقيا

وهذه الفئة بما تملكه من مؤهلات اخلاقية وايمانية وعلمية واجتماعية

هي التي تنظر في مؤهلات الحاكم ،فتكلفه وتحاسبه وتعزله اذا لزم

الامر، تبتغي في ذلك مصلحة الامة وصالحها .

الا ان الحكمة ضالة المؤمن ، وحيثما وجدها فهو احق الناس بها

وان استلهام الحكمة فيما ينظم شؤون الناس اداريا واجتماعيا ،

ومن بينها تجارب الامم الاخرى الناجحة ، فيما لا يخالف الثوابت

فأمر محمود ومطلوب .

والدولة في تاريخ المسلمين لم تكن يوما دينية ، بل كانت دائما مدنية

فالحكم بالإسلام هو عقد عن تراض بين الأمة والحاكم ، والامر يحتاج الى

انضباط بنود العقد وتفاصيله في اطار مكتوب (الدستور ) ، لذلك

ينادي الاسلاميون بالمقولة الشهيرة ، دولة مدنية بمرجعية اسلامية .

وحتى لا نطيل اكثر ، (وقد طال فعلا ) والمسالة تحتاج الاطالة تفصيلا

وتوضيحا ، فانا لا اجد مانعا من تجربة نظام الانتخابات في اختيار

اهل الحل والعقد (نواب الامة ) انما بعد اعتماد مواصفات ملزمة

لقبول المرشحين ، وقد قيل ان الامة لا تجتمع على ضلالة ، والقصد عموما

اسلمة النظم المتعارف عليها ولو في اطار المسمى ديمقراطية .

أمين قلاوون