"الكورونا " وحرب النفط

"الكورونا " وحرب النفط
....................................

مما لا شك فيه ان "فيروس كورونا " اصبح عنوانا ثابتا في الاقتصاد العالمي ،

وفرض على الحكومات اتخاذ اجراءات مؤثرة ، أرهقت اقتصاديات الدول ،

ومعها شهدنا هبوطا في البورصات العالمية ، وانهيارا حادا في اسعار النفط ، وربما

يكون مدخلا الى الكساد العالمي ؛

"انكماش في الاقتصاد ،غلاء في الاسعار وندرة في السيولة لدى العامة" .

لقد افسدت "الكورونا "، التحالف القائم منذ سنة 2016 بين منظمة الاوبك وروسيا ،

بما يسمى "تحالف أوبك+ " ، بما أدته (الكورونا) الى تراجع الطلب على الطاقة

في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الصين، المستورد الأكبر للنفط ، حيث

تستهلك حوالي 10 ملايين برميل يومياً ، وروسيا المزود الاكبر لحاجة الصين النفطية .

من المهم الاضاءة قبل المضي في مقالنا الى الفارق في تكلفة انتاج برميل النفط

بين الدول المعنية :

السعودية حوالي 10$ ، روسيا خوالي 18$ ، أميركا حوالي 37 $

مما لا شك فيه ، أن زيادة انتاج النفط في ظل انخفاض الطلب ، سيؤدي الى

انخفاض الاسعار ، وهذا ما تتعمده السعودية ، وترفضه روسيا ،

وانتهى الحوار في "تحالف أوبك+ " الى تهديد روسيا بالتخلي عن التحالف ،

وتحذير السعودية لروسيامن حرب استنزاف ، وابدت السعودية جدية في

استعداداتها عبر تخفيض موازنتها ، واشاعة احتمال المزيد من تخفيض الاسعار

الى ما دون 18 $ اذا اضطر الامر (سعر التكلفة الروسي)في اشارة

لحرب طويلة النفس .

تحاول روسيا الابقاء على حجم الانتاج العالمي الحالي، و المحافظة قدر الامكان

على الاسعار المعمول بها ، علما ان الواردات النفطية تشكل 37% من

الموازنة ، محتفظة بنسبة تراجع محتملة في اسعار النفط ، في حين ان العائدات

النفطية تمثل 65% من موازنة السعودية .

الغريب في الامر ، ان السعودية كانت تسعى الى خفض الانتاج وليس زيادته ،

الامر الذي رفضته روسيا ، لان روسيا ترى في خفض الانتاج وبالتالي رفع

الاسعار ؛ فرصة لاميركا للمنافسة والتوسع في السوق ، كما تخشى ان يكون

الحراك السعودي منسقا بشكل ما مع اميركا ، وهي على ابواب انتخابات رئاسية ،

فاذا انخفضت الاسعار ، ربما عمدت اميركا الى دعم احتياطاتها الاستراتيجية

من جهة ، و تسجيل انجاز لصالح " ترمب " على المستوى الشعبي .

واذا ارتفعت الاسعار تعمد اميركا الى التوسع في السوق كما سبق وذكرنا..

لكن في هذا بعض التبسيط ، فاميركا على مدار ست سنوات زادت حجم انتاجها

من النفط الصخري من 400000 برميل يوميا سنة 2014 الى

4000000 برميل سنة ، 2020 ، يضاف الى ذلك انتاجها من النفط

التقليدي ، لتصبح المنتج الاكبر للنفط في العالم ، تستهلك الجزء الاكبر منه

وتصدر بعضه رغم ارتفاع تكلفة انتاجه ، الا ان انخفاض اسعاره على

المدى البعيد سوف يؤدي ربما الى افلاس الشركات الاميركية المعنية

لذلك كان تصريح ترمب اليوم واضحا " سنتدخل في الوقت المناسب " .

وجد الروس مع عدم وفاء السعوديين بتعهداتهم لروسيا باستثمارات مؤثرة في

حركة الاقتصاد الروسي ، الفرصة في فك تحالفهم مع الاوبك ، ورد السعوديون

بزيادة الانتاج بنسبة 27% تقريبا ، وبدأت معها معركة عض الاصابع ،

ولن يسلم الاميركيون من الالم ان لم يتدخلوا في الوقت المناسب ، ولن تستطيع

السعودية الصمود طويلا ، وخاصة مع تدخل " كورونا " وتعطياها

واردات موازنتها من الحج والعمرة .

فانتظروا الكساد الكبير !!