أمين قلاوون Admin
عدد المساهمات : 246 تاريخ التسجيل : 24/09/2012 العمر : 65
| موضوع: بين التكريم والمهانة(مدارج الصالحين) الإثنين مارس 04, 2013 3:35 am | |
| بين التكريم والمهانة **************
جلست منصتا الى الشيخ يخطب الجمعة ، وكانت موعظةً جليلة
القدر عظيمة المعاني ، وقد مر في عرضه على آية كريمة من سورة
البقرة(30): (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون )
طاف معها عقلي حول عظيم ما تحمله الآيات من دلالات ، وقد أنزل
الله فيها الانسان منزلة عظيمة وذلك بجعله القيمة الاعلى على وجه
الارض وسيدها والممسك بمقاليدها ، وأي نعمة اعلى قيمة من
نعمتي التكريم والاستخلاف ، ولك أن تتصور معي اخي القارىء موكب
الحياة من لدن آدم وحتى يومنا هذا ،والمنطلقة من هذه اللحظة
المباركة التي تم فيها منحه هذا التكريم.
لقد كان من اسرار تكريم الله عز وجل للانسان أن وهبه سر المعرفة ؛
ومن بينها القدرة على الرمز بالاسماء للمسميات ، ومنحه الطاقة
والاسباب التي يعالج فيها هذه الخلافة ، كما وهبه الارادة الحرة في
الاختيار, وقدرته على تحكيم إرادته في شق طريقه , واضطلاعه
بأمانة الهداية إلى الله عز وجل ، فالمسؤولية والحرية والاخلاص لله
والتلاؤم مع نواميسه ، وسننه ، جملة من الفضائل يرتكز عليها مفهوم
الاستخلاف .
ولانتقل بكم الى آيات أخر تتحدث عن الخلافة ، ولنجدها تعطي
الكلمة قيما و ابعادا أخلاقية وروحية وسياسية ، فاقرؤا معي وستجدون
انها في كل الآيات ترد العبارة المشتقة من الأصل (خ ل ف) مقترنة
بالتمكين في الأرض ، والتمكين بعرفنا يعني الحكم ، بما يعنيه نصب
ميزان الحق والعدل في الارض ، وهي الامانة المعقود عليها هدف
الاستخلاف.
(هو الذي جعلكم خلائف في الأرض )(فاطر:39) (ويستخلف ربي قوماً غيركم )( هود:57). (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض )(الأنعام:165). والخلائف جمع خليفة) (وجعلناهم خلائف )(يونس:73). (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح )( الأعراف:69). خلفاء جمع خليف (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض )(الأعراف:74). ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض (النمل:62). (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض )(النور:55). (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء )(الأنعام:133). (ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم )(النور:55). (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض )(الأعراف:129). (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق )(ص:26).
فالمراد بالخلافة اذا هو الارتقاء بالانسان والمجتمع الى منزلة الحق والعدل
انها مهمة ربانية يتحمل مسؤوليتها الجميع ، حاكما كان أو محكوما ،
التزاما بعقد الامانة والأمانة هي كما نعلم ، أساس كل ميثاق -
(إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً )(الأحزاب:72).
وبين هاتين القيمتين الخالدتين (الاستخلاف والامانة ) يأتي مشروعنا
الاسلامي حضاريا باهدافه ومنطلقاته ومرتكزاته ،
وليأتي دورنا ايضا متناسبا والقيمة التي شرفنا الله بها بتكريمه لنا .
فعرض الله قائم ابدا ، وبين التكريم والمهانة اختيارك وارادتك الحرة .
*********
أمين قلاوون | |
|