قيم الحرية (مدارج الصالحين)

قيم الحرية
********

قدَّر الله عز وجل أن يستخلف الانسان في الارض ، وأن يمكنه من

تسخيرها بارادة حرة

وقدّر الله أن تكون صلة الانسان به سبحانه من حيث الايمان والكفر

ايضا بارادة حرة

فكانت الحرية أصل في وجود الانسان ، وكذلك المساواة ، اذ لا فرق

بين بني البشر لا في لون ولا في جنس .

وما دام الانسان حرا ، مكرما بفطرة الله عز وجل ، فمن الطبيعي أن

يجاهد البشر لضمان ديمومتها في حياتهم ومجتمعاتهم ، الامر الذي

ارسى الاسلام دعائمه عبر الدعوة الى المسالمة والتعارف ومكافحة

التمييز العنصري ، والتصدي للباطل بكل اشكاله ، واستدراك نذر

الحرب واطفاء نارها ، ومنع الجريمة وادواتها .

والاسلام عندما يقر للانسان بحرية اختياراته الفكرية والعقدية

والاجتماعية ، فمن الطبيعي أن يحترم التعدد سواء داخل الكيان

الاسلامي او على الصعيد العالمي ، في حين ان الغرب حين يتغنى

بمثل هذه القيم ، فانه ينظر اليها على انها معطى وطني ، وليس

على انها معطى انساني

فلا زال العالم حيث لا تسود قيم الاسلام ، وخاصة تلك التي تمتلك

القوة العسكرية والاقتصادية ،تجنح للسيطرة والتسلط والهيمنة على

مقدرات الامم الاخرى والشعوب المستضعفة ، والقضية الفلسطينية

خير شاهد على مروق الغرب واستهتاره بكل القيم الانسانية ، ومن

بينها حرية الشعوب وحقها في استرداد مغتصباتها .

ولو تأملنا لوجدنا عظمة مراد الله تعالى في تأصيل القيم الانسانية

وتأكيدها في حياة البشر ، فلنقرأ معا تلك الدلالات في قوله تعالى :

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات-13 )

" وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً (النساء-9)

"إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ (الشورى-42)

"أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * " وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ "(128-131/الشعراء)

وغيرها كثير من الآيات ذات الدلالة .

ان الاسلام يقر للانسان كفرد بقيمته وشخصه ورأيه وكسبه وعلة

وجوده لانه الكيان الذي يحمل أمانة الله ، الا ان هذا الانسان لا يتمتع

بحريته الا في اطار مشترك ، وكيان جامع ، يتفاعل فيه مع الآخرين

بايجابية بناءة ، الامر الذي يفرض التزام قيم اجتماعية يلتزمها ابناء الكيان

الجامع، فتكون حدا ضامنا لحرياتهم وكراماتهم ، فمن تجاوزها أُخِذَ على

يديه لردعه ورده

والاسلام يمثل في حياتنا مجموعة القيم الناظمة والضابطة لحياتنا

الخاصة ولمجتمعنا بشكل عام ، لذلك كانت البداية ، الاهتمام بالاسرة

باعتبارها نواة المجتمع ولبنته الاولى ، وصيغت القيم في اطار تعبدي ،

يتفاعل معها القلب كما العقل والروح ، فكانت انسانية بامتياز ، وبها

انتشر الاسلام وانتصر ، ولا يزال !!!

قيم فهمها جيل ، ابت نفسه قيم الروم والفرس ،فانسلت تلك القيم

برفق الى قلبه وعقله ، فاحدثت انقلابا هائلا في شخصيته ومفاهيمه ،

فانطلق بها فاتحا مبشرا مجاهدا متعبدا ، فوطىء بها عرش العالم ،

وشعاره :

"جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام"

********

أمين قلاوون
طرابلس في 6/3/2013

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)
» أدبني ربي (مدارج الصالحين )