لبنان اي وطن ...(الحلقة الثامنة )

افكار الموارنة ومعتقداتهم
*****************
إن المصادر المسيحية الموثوق فيها تقر بأن دعوة المسيح كانت

توحيد الله ، وأن عقيدة التثليث المسيحي كانت من نتاج المجامع

المسيحية المقدسة ، هذا ماتذكره دائرة المعارف الأميركية في

قولها ( جزء 27- ص294) :

" لقد بدأت عقيدة التوحيد – كحركة لاهوتية – بداية مبكرة جدا في

التاريخ ، وفي حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من

عشرات السنين ، لقد إشتقت المسيحية من اليهودية ، واليهودية

صارمة في عقيدة التوحيد ، إن الطريق الذي سار من أورشليم

(مجمع تلاميذ المسيح الأوائل) الى نيقية ( حيث تقرر مساواة

المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام 325 م.) كان من النادر القول

بأنه كان طريقا مستقيما .

إن عقيدة التثليث التي أقرت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس

بدقة التعليم المسيحي الأول فيما يختص بطبيعة الله ، لقد كانت

على العكس من ذلك انحرافا عن هذا التعليم ، ولهذا فإنها تطورت

ضد التوحيد الخالص أو على الأقل يمكن القول بأنها كانت معارضة

لما هو ضد التثليث ، كما أن انتصارها لم يكن كاملا."

وللوقوف على عقيدة الموارنة ،لابد من الاشارة أولا الى الجدل

الفلسفي المنتشر خلال تلك الحقبة حول طبيعة المسيح بشكل

خاص ، وأن أساقفة من لبنان"الحالي" شاركوا في هذا الجدل، فقد

ورد في كتاب " مقارنة ألاديان(المسيحية) أن أسقفا من طرابلس

يدعى "كومدس" شارك في النقاش الدائر ضمن فعاليات مجمع

"أفسس الأول " المنعقد في 22/6/431 م ، الذي دعا اليه الأمبراطور

"ثيودوس الثاني" حيث تقرر أن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة

واحدة ، وأن العذراء مريم ولدت إلها ، ولذلك دعوها بأم الاله.

وفي سنة 451م. شارك أسقف آخر لطرابلس يدعى" تيودورس" في

مجمع خلقيدونية كما جاء في كتاب "أصدق ماكان عن تاريخ لبنان-ج1/104"

فأصدر المجمع قرارا يقول بالطبيعتين والمشيئتين للمسيح ، وهو

مذهب الاورثوذكس ، الى ذلك ظهرت الكثير من المباحث الفلسفية

والجدلية عن طبيعة المسيح ،ولم يكن الموارنة ابتداء مختلفين عن

غيرهم من النصارى الكاثوليك الشرقيين في أي من نواحي العقيدة

الى أن نادى الأسقف يوحنا مارون سنة 667 م. بدعوى جديدة

مضمونها أن المسيح ذو طبيعتين :

طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت في شخصه ولكنه ذو مشيئة واحدة

هي مشيئة الله ،وأن الطبيعتين تلتقيان في أقنوم واحد.

إن هذه العقيدة هي أهم ما يميز الموارنة عن غيرهم من الطوائف

النصرانية ، وكانت سببا في عقد مجمع القسطنطينية سنة 680 م.

والذي نتج عنه رفض هذه العقيدة ، وعاد ليؤكد أن للمسيح طبيعتين

ومشيئتين ، الأمر الذي رفضه أهل الشام وأدى الى انسلاخهم عن

الكنيسة الأم.

أجرى البطريرك الماروني أرميا العمشيتي حوالي سنة 1213 م.

بعض التعديلات في خدمة القداس وطقوس العبادة وسيامة الكهنة

والمعمودية متبعا التقليد اللاتيني ، وبدأت معها خطوات التقارب مع

الكنيسة البابوية الى حد الاتحاد الكامل سنة 1736 م ، حيث أصبحت

الكنيسة المارونية بذلك من الكنائس الأثيرة لدى بابا روما.

في الواقع ، سبق لكنيسة روما كما بيزنطة أن دانت العقيدة التي

آمن بها الموارنة ، لكن ذلك لم يمنع الكنيسة المارونية من التخلي

عن ما سمته كنيسة روما "الهرطقة التوحيدية" والاعتراف بسيادة

البابا في روما.

كان الموارنة في حاجة الى انتماء آخر في مواجهة الواقع المحيط

بهم ، وكان للكنيسة في روما مصلحة أكيدة في إعتراف الموارنة

بسلطتها المطلقة ، كانت أول كنيسة في الشرق الأوسط تعترف

بهذه السيادة ، في وقت الكل يعرف دور البابا التحريضي أبان الحروب

الصليبية.

يعتقد الموارنة بأن خدمة القداس عندهم مأخوذة عن القديس يعقوب ،

ويعتقدون بأنها أقدم خدمة في الكنيسة المسيحية وأن أصولها تعود

الى العشاء الرباني الأخير .

إضافة الى ماسبق ؛ فإن الكنيسة المارونية إحتفظت باللغة السريانية

في قداسها رغم إعترافها بسلطة البابا ، كما إنها الكنيسة الوحيدة

التي إستخدمت اللغة العربية منذ البداية في سجلاتها الكنسية.

*********

» سوريا ...نهاية مرحلة (الحلقة الثامنة ).
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الثامنة )
» لبنان اي وطن .......(الحلقة التاسعة)
» لبنان .....اي وطن (الحلقة العاشرة )
» لبنان اي وطن ..(الحلقة الحادية عشر )