لبنان .....اي وطن (الحلقة العاشرة )

لبنان اي وطن ..........(الحلقة العاشرة)

التحولات السياسية والديموغرافية في لبنان
*****************************

رغم الغموض الذي يكتنف تاريخ لبنان منذ استيطان الموارنة فيه وحتى

دخوله كنف الدولة العثمانية ،الا اننا نتلمس فيه بعض الاشارات التي

يمكن الركون اليها في محاولة فهم علاقة هؤلاء ببقية ساكني لبنان

وبالدولة الحاكمة .

ان ما ورد في كتابات المؤرخين حول هذه الفترة لا يزيد عن صفحات

قليلة ، ويمكن مراجعة ذلك لدى كل من الاساتذة : محمد مكي، جواد

بولس ،فيليب حتي ،كمال الصليبي و عمر التدمري مع الاخذ بعين

الاعتبار المنطلقات الخاصة لكل منهم .

مع الفتح الاسلامي ولغاية نهاية القرن الثامن حصلت تغيرات ديموغرافية

في لبنان وخاصة خلال العهد العباسي الأول ، ويمكن تلخيص ذلك بالآتي:

1 – سنة 659.م كانت بداية هجرة الموارنة الى لبنان واستيطانهم الجرود

الجبلية في الشمال ، وتم ذلك بعهد معاوية وتحت رعايته ، علما أن لبنان

لم يكن قد دخل بعد بكامله تحت سلطة دولة الخلافة ، وكان مجمل

سكان لبنان حينها من النصارى الأنباط ، وهم من السريان على قول

المسعودي او من بقايا الآراميين على قول هنري لامنس ، وكان ولاؤهم

اساسا للدولة البزنطية ، علما أن كثيرا من المؤرخين يطلقون على

الموارنة تسمية الأنباط.

2- مع الفتح الاسلامي للبنان ؛ وبعد أن هجر ساحل لبنان كثير من

الروم والتحقوا بأبناء جلدتهم ،أسكن معاوية جماعة من الفرس

المستعربة مدن الساحل اللبناني ، كما أسكن صيدا بعض الجاليات

العربية القرشية ، وأسكن قوم من بني ربيعة منطقة عرقة في عكار،

إضافة الى من دخل في الاسلام ومن إستأمن من الروم وأذن لهم

بالاقامة كما حدث في بعلبك ، يشهد بذلك كتاب ألأمان لأهل بعلبك

من روم وفرس وعرب والذي وقعه لهم القائد أبو عبيدة إبن الجراح ،

كما أسكن معاوية بعض يهود الأردن مدينة طرابلس ، وشهد لبنان

في عهد الأمويين حياة مستقرة لما أبداه الأمويون من تسامح مع

أبناء الطوائف غير الاسلامية.

3- شهد لبنان بعض الاضطرابات في بداية العهد العباسي ، ويعود ذلك

لخوف اللبنانيين من بطش الحكام الجدد ،إضافة الى تحريك البزنطيين

لأتباعهم في الداخل اللبناني مع كل تحرك عسكري باتجاه الشواطىء

اللبنانية.

وحصل تمرد للنصارى الأنباط سنة 753م. ثم في سنة 758م. ، هذا الأمر

أدى بالدولة العباسية الى نقل جماعة من التنوخيين اللخميين سنة

759 بقيادة الأميرين المنذر بن مالك وأرسلان من شمال الشام الى

وسط لبنان للحد من خطر المتمردين ،فأسكنوا الجبال القريبة من بيروت

حيث كانت خالية ، وانعمت عليهم الدولة بإقطاعات معلومة موثقة

بمراسيم ، ثم تم تعزيز هذا الدور سنة 780م ، إثر تمرد آخر للنصارى

قمعه التنوخيون حيث زاد المهدي من نفوذ التنوخيين وتأسست أول

إمارة ذات حكم ذاتي في لبنان مركزها في جبال الشوف وإقليم الغرب

في شرق بيروت ، يتاخمها من الشمال جبال كسروان والجبال الشمالية

حيث مقدمية الموارنة.

4- سنة 760.م شهد لبنان تحولا آخر حين أعلن "بندار" نفسه ملكا

على جبل لبنان ، وجمع حوله نصارى الأنباط ، وأعلن تمرده على الدولة

بتأييد من البزنطيين ، وانتهت الأعمال العسكرية بهزيمته وفراره الى بلاد

الروم.

وعلى إثرذلك ؛ أمرت الدولة العباسية بإخراج من بقي من انباط لبنان

من قراهم وتفريقهم في بلاد الشام وقراها دون تفريق بين متمرد أو غيره ،

الأمر الذي إحتج عليه الامام الأوزاعي في رسالة طويلة نظرا للظلم

الذي وقع بحق المعاهدين الذين لم يشاركوا في التمرد، لذلك مازال

موارنة لبنان يجلونه الى يومنا هذا .

5- في سنة 791 هاجم نصارى الجبل قرية سن الفيل بهدف قتل

مسعود ابن أخ المنذر بن مالك التنوخي أمير العشيرة ، كان من نتيجة

ذلك مقتلة كبيرة في صفوف المهاجمين وحرق العديد من القرى

المسيحية القريبة من الساحل وهجرة جديدة الى الداخل ، مرة

أخرى نلاحظ أن هذا التمرد وقع في وقت كانت فيه قوات البزنطيين

تغزو سواحل الشام .

كما أن الشدياق يؤرخ لحوادث مشابهة وقعت سنة 875.م ، والنتيجة

كما في كل مرة ، قتل وحرق قرى وتشريد لاهلها .

الى جانب ذلك شهد لبنان خلال تاريخه بعض التحولات داخل الطوائف

نفسها ، ساعد في ذلك دعوات الاصلاح السياسي لدى بعض الفآت

الاسلامية في ظل تدهور الأوضاع السياسية،مثل دعوة القرامطة

الاسماعليون ، التي وإن قضي عليها وجدت لها قبولا في لبنان

وخاصة لدى التنوخيين في منطقة وادي التيم وجبال الشوف،

وحصل الأمر نفسه بتحول بعض نصارى الجبل بعد الضربات الموجعة

الى المارونية وخاصة بعد تطور النظام السياسي والأداري والتعليمي

لهذه الطائفة والمنافع الكبيرة الناتجة عن انفتاحها على الغرب ونشاط

الارساليات التبشيرية والنهضة التعليمية التي أعقبت ذلك ، وفي نفس

الوقت تزايد الموارنة في جبل لبنان نظرا لاستمرار نزوحهم من نواحي

حماه وبلاد الشام الشمالية .

سادت لبنان مع بداية القرن العاشر حالة من الأمن و الأستقرار نظرا

للوئام والتعايش وحسن الجوار الذي ساد بين مختلف الطوائف والمذاهب

في أنحاء لبنان ، ومع دخوله تحت لواء الدولة الفاطمية توضحت ملامح

المجتمع اللبناني .

في الواقع لم يسجل أي تحرك للموارنة مناوىء للمسلمين في (لبنان)

منذ تواجدهم فيه إلى أن بدأ يتعرض ساحل الشام لحملات الصليبيين

في القرن الحادي عشر، مع التحفظ الشديد لجهة السرد المتعلق بحركة

المنيطرة في عهد أبي جعفر المنصور ، كون الموارنة من قاد الحركة .

» سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة العاشرة)
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة العاشرة )
» لبنان اي وطن ...(الحلقة الثامنة )
» لبنان اي وطن .......(الحلقة التاسعة)
» لبنان اي وطن ..(الحلقة الحادية عشر )