لبنان اي وطن ..(الحلقة الحادية عشر )

لبنان اي وطن ..........(الحلقة الحادية عشر)

هل الموارنة أحفاد الجراجمة والمردة ؟
****************************

كثيرا ما يخطىء البعض فيخلطون بين المسميات الثلاث ،حتى أن

بعض الموارنة لقبوا أنفسهم بالمردة ،الأمر الذي يقتضي التوضيح.

أما الجراجمة فينتسبون الى مدينتهم جرجومة الواقعة على جبل

اللكام المشرف على إنطاكية كما ورد في " معجم البلدان" ، وهم

في الأصل من بلاد فارس ، انتقلوا منها الى اليمن ثم الى جرجومة.

للجراجمة أسماء متعددة ؛ ففي اليمن سموا بالأبناء نظرا للدور الذي

أدوه في خدمة ملكها ، وفي صنعاء سموا بالاحرار، وفي الكوفة عرفوا

بالأحامرة ، وبالبصرة دعوا بالأساورة، وفي الجزيرة بالخضارمة وبالشام

الجراجمة .

واختلط الامر على بعضهم فسماهم أنباط الشام، في حين أن الانباط

وهم من بقايا الأراميين اعتنقوا النصرانية وسكن بعضهم منطقة

جرجومة الأمر الذي أدى الى الخطأ.

أما المردة فهي صفة أطلقت على الجراجمة أنفسهم ، ومرد ذلك

تمردهم الدائم ، سواء على المسلمين أو الدولة البزنطية رغم

المواثيق والعهود المبرمة مع الطرفين.

هذا بعض ما ورد من تعريف الجراجمة لدى ؛ البلاذري والاصبهاني

وابن منظور وأنستاس الكرملي وابن الاثير وغيرهم كما ورد في بعض

المصنفات تسميتهم بالجراجمة ، حيث يجترمون الناس أي لصوص

يستلبون الناس وينتهبونهم.

من كل ما سبق نجد أن الموارنة لا ينتسبون الى هؤلاء وبالتالي

لا علاقة لهم بالجراجمة أو المردة ، ولعله اشتبه على بعضهم أن

أصل الموارنة من إنطاكية وأن جرجومة تقع قريبا منها ، غير أن

الدلائل تشير الى هجرة معاكسة بين المجموعتين .

لقد بدا خطر الجراجمة على لبنان واضحا عندما عاضدوا الروم في

هجومهم عليه سنة 668م. و680م. ساعدهم في ذلك الأنباط

الأراميون وبعض الموارنة ، ولقد تكرر الأمر في كل مرة إستشعر

فيها البزنطيون ضعفا في الدولة الاسلامية .

والواقع أن أول ظهور فعلي للجراجمة في لبنان كان سنة 708م.،

وسبب ذلك تمردهم وعونهم للروم في مواجهة الدولة الاسلامية ،

الأمر الذي أدى بالخليفة الأموي الوليد الى فتح مدينتهم والبطش بهم ،

ثم أعطى الأمان لمن بقي منهم بشروط تحمل الكثير من التسامح ,

وتم إجلائهم عن مدينتهم وتخريبها بعد أن خيروا للاقامة في أي

مكان يريدونه في بلاد الشام ثم أسكن الوليد مناطقهم قوما من

الزط السند.

وقد أظهر بعض الجراجمة والأنباط صدق عهدهم تجاه المسلمين

لبعض الوقت وأصبحوا جزءا من عسكرهم وقاتلوا معهم الروم كما

قاتلوا معهم يزيد بن المهلب في البصرة ،

ويروي كل من الطبري والبلاذري أنه إشتهر من الجراجمة القائد

ميمون الجرجماني ، كان ذو بأس وشجاعة، جعله عبد الملك بن مروان

قائدا على جماعة من الجند المرابطين في أنطاكية ،يقال أنهم ألف

من أهل انطاكية نفسها ، وعند استشهاده اغتم عبد الملك بمصابه

وأغزى الروم جيشا عظيما طلبا بثأره.

مما سبق يتبين أن الجراجمة ليسوا موارنة من حيث انتمائهم القومي

وإن ساكنوهم في مناطقهم واعتقدوا فيما بعد معتقداتهم ،

لكنهم بقوا قلة تحولوا بحكم الأمر الواقع الى موارنة كانتماء مذهبي ،

كما انتسب بعضهم الى الاسلام في مناطق أخرى في بلاد الشام.

*************
الحلقة القادمة باذن الله
هل الموارنة أحفاد الفنيقيين؟

» سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة الحادية عشر)
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الحادية عشر )
» لبنان اي وطن ...(الحلقة الثامنة )
» لبنان اي وطن .......(الحلقة التاسعة)
» لبنان .....اي وطن (الحلقة العاشرة )