أعلى اللذات مرتبة (مدارج الصالحين )

أعلى اللذات مرتبة
************

يطيب لي أن أشد انتباهكم الى لطيفة جميلة ،

الى أجمل اللذات وأعلاها مرتبة

الى معرفة الله تعالى والحب فيه سبحانه !!.

ففي قلب كلٍّ منا غريزة تسمى النور الالهي ، وقد تسمى العقل ،

وتسمى البصيرة ، وتسمى نور الايمان واليقين .

هذه الغريزة خلقها الله لنعلم بها حقائق الامور وفقا لطبيعتها ،

ومقتضى طبعها العلم والمعرفة ، وذاكما لذتها،

فالعلم والمعرفة ولو في شيء خسيس يُفرَحُ به ،

فلا شك ان للعلم لذة مميزة .

ولذة المعرفة أقوى من جميع اللذات المدركة بالحواس الخمس ،

وقمة اللذة في معرفة الله تعالى .

كلمات ذهبية خطتها يد ابن الجوزي تعالوا نقرأها معا :

"من ذاق طعم المعرفة وجد طعم المحبة، فالرضا من جملة ثمرات المعرفة ،

فاذا عرفته سبحانه رضيت بقضائه"

واعلم عزيزي ان الشوق الى الله راس مالك ، وقوام حياتك الطيبة

وأصل سعادتك وفلاحك ونعيمك وقرة عينك ،

فكيف يتاتى الشوق الى الله اذا لم تعرفه ؟.

وكيف تستكمل ايمانك اذا لم يكن امرك كله مرهونا بحبك لله ،

وكيف يتأتى حب لله دون معرفة به سبحانه؟

الم تسمع ابو أمامة يقول:

" من أحب لله ، وأبغض لله، وأعطى لله ، ومنع لله فقد استكمل الايمان"

ولعلك سمعت بعتبة بن أبان البصري ،فمما قال:

" من عرف الله أحبه ، ومن أحبه أطاعه" .

او تعالى نسمع لابن القيم:

"من أعظم أسباب ضيق الصدر الاعراض عن الله تعالى ، وتعلق القلب

بغيره ، والغفلة عن ذكره ، ومحبة سواه ، فان من أحب شيئا غير الله

عُذب به ، وسُجِنَ قلبه في محبة ذلك الغير ، فما في الارض أشقى منه،

ولا أكسف بالا ،ولا أنكد عيشا، ولا أتعب قلبا ، ومحبة غير الله سبحانه

هي عذاب الروح، وغمّ النفس ، وسجن القلب، وضيق الصدر ، وهي

سبب الآام والنكد والعناء".

ويلح علينا الربيع بن أنس بالنصيحة فيقول :

" علامة حب الله كثرة ذكره، فانك لا تحب شيئا الا أكثرت من ذكره "،

وعلامة الدين؛ الاخلاص لله في السر والعلانية ،

وعلامة الشكر ؛ الرضى بقدر الله والتسليم بقضائه.

واجمل القول ما قاله عبد الله:

" إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الايمان الا من

يحب ، فاذا احب الله عبدا أعطاه الايمان ."

ولقد كتب ابو الدرداء يوما الى سلمة بن مخلد فقال

" أما بعد، فان العبد اذا عمل بطاعة الله أحبه الله، واذا أحبه الله حببه

الى خلقه ، واذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فاذا أبغضه بغَّضه الى

خلقه" .

أهل المحبة بالمحبوب قد شغلوا ................وفي محبته أرواحهم بذلوا

وخربوا كل ما يفنى وقد عمروا......ما كان يبقى فيها حسن الذي عملوا

لم تلههم زينة الدنيا وزخرفها ..................ولا خباها ولا حلي ولا حلل

وقال الشاعر

تعصي الاله وانت تظهر حبه .......هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته...........إن المحب لمن يحب مطيع

وقال آخر

نفس المحب الى الحبيب تطلع..........وفؤاده من حبه يتقطع

عز الحبيب اذا خلا في ليلة............بحبيبه يشكو اليه ويضرع

ويقوم في المحراب يشكو بثه.....والقلب منه الى المحبة ينزع

واعلم اخي الفاضل واختي الفاضلة انه ؛

من لم يعرف الله تعالى في الدنيا لن يراه في الآخرة

ولا يحصد احد الا ما زرع

ولا يموت المرء الا على ما عاش عليه

وعيش الآخرة بقدر المعرفة

وقد عرفت اخي معنى المحبة ومعنى لذة المعرفة

فالزم يا رعاك الله درب السالكين

الى جنة الخلد ودار النعيم

» هادم اللذات (مدارج الصالحين)
» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)