لبنان اي وطن .....(الحلقة الرابعة عشر )

لبنان اي وطن ...!! (الحلقة الرابعة عشر )

مسالة أهل الذمة
*****************

عندما سئل العلامة محمد حسن فضل الله عن مقولة أهل الذمة

ماذا تفعل حيالها ؟

قال: " إن مسألة أهل الذمة تمثل مشروعا من أعلى المشاريع الحضارية

باعتبار أن الاكثرية تضع الاقلية في ذمتها ، لتحفظ لها حقوقها، وتحميها

من كل طارىْ ، وتعطيها الحق والحرية في العبادة والتفكير.

نحن نتمنى أن يمارس المسيحيون في حكمهم على المسلمين قيم

ومبادىء أهل الذمة !".

لقد لخص السيد في مقولته هذه مفهوم اهل الذمة في الاسلام ، هذا

النظام الذي انفرد به الاسلام منذ نشأته كان مدعاة للفخر في تعامل

الدولة مع رعاياها من الاقليات غير المسلمة ، وكانت خطوة متقدمة

جدا في مراعاة حقوق الانسان ، وكان غير المسلمين أكثر حرصا على

تأكيد هذا الحق وتثبيته ، يشهد بذلك التاريخ بوقائعه ، وتشهد بذلك

العهدة العمرية لاهل القدس ، ويشهد بذلك اهل حمص يوم تحريرها ،

ويشهد أهل الاندلس وغيرها كثير حيث كان المسيحيون واليهود

المضطهدون في أرض الله يتوقون الى تحريرهم من عبادة العباد الى

عبادة الله ، ومن ظلم الانسان وجوره الى عدالة الاسلام ورحمته ،

كان نظام الذمة بمثابة عقد إجتماعي تكفل الدولة بموجبه كامل

الحقوق التي تؤكدها اليوم شرعة حقوق الانسان ،وخاصة حرية

العبادة والتجارة والتملك والعمل والانتقال والتعبير والحياة الكريمة .

هذا من حيث المبدأ ، أما في الواقع قد نرى تجاوزا في التطبيق من

قبل بعض الحكام ، حتى إذا جاروا طال ظلمهم المسلمين والمسيحيين

على حد سواء .

ان التخويف الذي يمارسه مفكروا الموارنة من العودة الى نظام أهل

الذمة ما هو إلا ادعاء في غير محله ، حيث أنه ليس في تاريخ بلاد

الشام كله ما يثبت رفض أو تململ أو إثارة من أي نوع في وجه هذا

النظام ، وخاصة أن المسلمين في بلاد الشام وحتى بداية الحروب

الصليبية لم يكونوا أكثرية معتبرة . كما أن الموارنة وخاصة في عهد

الدولة الاموية كانوا محل رعاية ، وكانت الدولة حريصة على استقرار

هؤلاء نظرا للمعاناة التي لاقوها في تاريخهم ، والحق يقال! أن الموارنة

لم يشهدوا استقرارا حتى دخلوا في ذمة الدولة الأموية .

من الاجحاف حقا أن يعمد مفكروا الموارنة الى التضليل ، والواقع أن

الدولة ما فتئت تعمل في كل عهودها على تنظيم شؤون رعاياها ،

والموارنة من بينهم انطلاقا من مبدأ الرعاية الذي يؤكده نظام أهل الذمة.

لعله من الانصاف أن نضيف شاهدا في هذه المسألة ، رسالة الامام

الاوزاعي الى والي الشام صالح بن علي ، عندما عمدت الدولة الى

اتخاذ قرار باجلاء النصارى من لبنان لما أحدثه "بندار " من فتنة انساق

له فيها بعض النصارى ،مما جاء فيها:

"قد كان من إجلاء أهل الذمة من أهل جبل لبنان،مما لم يكن تملأ

عليه خروج من خرج منهم، ولم تطبق عليه جماعتهم ، فقتل منهم

طائفة ورجع بقيتهم الى قراهم، فكيف تؤخذ عامة بعمل خاصة فيخرجون

من ديارهم وأموالهم ، وقد بلغنا أن من حكم الله جل وعز أنه لا يأخذ

العامة بعمل الخاصة ، ولكن يأخذ الخاصة بعمل العامة، ثم يبعثهم على

أعمالهم، فأحق ما أقتدى به ووقف عليه حكم الله تبارك وتعالى.

وأحق الوصايا بأن تحفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقوله( من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه) ، من كانت

له حرمة في دمه، فله في ماله والعدل عليه مثلها، فإنهم ليسوا

بعبيد ، فتكونوا من تحويلهم من بلد الى بلد في سعة ، ولكنهم

أحرار أهل ذمة ، يرجم محصنهم على الفاحشة ، ويحاص نساؤهم

نساءنا من تزوجهن من القسم ، والطلاق، والعدة،سواء ....الخ ".

» لبنان اي وطن (الحلقة الرابعة )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الرابعة )
» لبنان اي وطن ...(الحلقة الثامنة )
» لبنان اي وطن .......(الحلقة التاسعة)
» لبنان .....اي وطن (الحلقة العاشرة )