سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة السادسة )

الدور الفارسي (السياسي) في الانحراف الشيعي

لا شك ان مأساة كربلاء (سنة 61 ه)كانت نقلة نوعية في تاريخ الشيعة ،

فقد اذكت روح التشيع ، وكما أسلفنا كان التشيع في هذه الحقبة رأيا

سياسيا نظريا ، لكن مقتل الحسين رضي الله عنه ، أثار الحماسة في

القلوب طلبا للثأر من جهة ، ووحد صفوف الشيعة من جهة أخرى ، وجعل

من المتشيعين كتلة سياسية فعالة تستند الى عقيدة راسخة ، مضمونها

الاخذ بثأر الحسين ، وقد لعب الفرس فيها دورا محركا .

ثم انه كان لمسلك بعض الخلفاء الامويين ما اثار سخط الناس وتذمرهم ،

الامر الذي ساهم ايصا في اثارة الشيعة والخوارج والموالي من الفرس ،

علما ان الحزب الشيعي انقسم في هذه الفترة قسمين :

الشيعة الامامية : وترى الامامة في بني فاطمة ،

والشيعة الكيسانية : اتباع ابو هاشم ابن محمد بن الحنفية الذي تنازل

عن الامامة الى مخمد بن علي بن عبد الله بن عباس.

أما الكيسانية فدعمت وصول العباسيين الى الحكم ، في حين ان الامامية

عارضت العباسيين كما عارضت الامويين من قبل.

نهض محمد بن علي العباسي بالدعوة نهضة قوية في اوائل القرن الثاني

للهجرة ، ونظم حزبه تنظيما فاعلا ، فعين النقباء والدعاة واوصاهم ببث

الدعوة سرا مع التظاهر بنشرها لآل البيت عامة ، استغلالا وتسكينا .

واهتم العباسي بخراسان ايما اهتمام ، فارسل اليها الدعاة وانتهجت

الدعوة فيها منحا سلميا ، وبقي الامر كذلك حتى انضم ابو مسلم

الخراساني الى الدعوة العباسية ، والذي يعتبر بحق مؤسس الدولة العباسية.

وكان سبب اهتمام العباس بخراسان يدل على عبقرية سياسية متفوقة ،

فقد ظن وكان مصيبا ، ان اهل خراسان يفهمون فكرة التشيع بسهولة

ويعتقدون في نظرية الحق الملكي المقدس التي كانت سائدة في بلاد

فارس منذ ايام آل ساسان ، اضافة الى ما قاساه الفرس من حكم الامويين .

يقول المستشرق جوبينو:" كانت هذه النظرية عقيدة سياسية غير متنازع

فيها عند الفرس ، وهي ان العلويين وحدهم يملكون حق حمل التاج ،

وذلك بصفتهم المزدوجة، لكونهم وارثي آل ساسان من جهة امهم "

بني شهر بانوه زوجة الحسين بن علي وابنة يزدجرد آخر ملوك الفرس" .

لقد سنحت الفرصة للفرس بمساعدتهم العباسيين للاستئثار بالسلطة

وتولي الحكم ، وقد تمكن البرامكة فعلا من تحقيق ذلك بعد ابي مسلم

الخراساني ، وقد استغل الطرفان العلويين في سبيل ذلك، ثم دب الخلاف

بين العرب والعجم في عهدي الامين والمأمون كانت الغلبة فيها للفرس

على العرب واصبحت الخلافة تدار بنفس النظام الذي كانت تدار به

امبراطورية آل ساسان ، على قول " بالمر في كتابه هارون الرشيد."

ان محاولات الفرس للسيطرة على العالم الاسلامي لم تتوقف الا خلال

مرحلة الاحتلال المغولي ، ليعودوا الى المحاولة في عهد الشاه اسماعيل

الصفوي ، غير انه باء بالفشل ، نظرا لقوة الدولة العثمانية في عهد السلطان

سليم الاول، ولحساسيته الشديدة لمحاولات التمدد الشيعي.

والواقع ان الدعاية الصفوية استمرت ناشطة لبث المذهب الشيعي ،

وفي النهاية تمكن هؤلاء من اقامة دولتهم واعترف العثمانيون بها

(بموجب اتفاقية أماسيا 1555م ).ثم توسعت الدولة الصفوية خلال القرن

السابع عشر على حساب الدولة العثمانية نظرا لضعف هذه الاخيرة ،

وقد حاول نادر شاه احد ولاة فارس ان يفرض المذهب الجعفري كمذهب

سني خامس على الدولة العثمانية ، الا ان محاولاته فشلت ، وادى ذلك

الى حروب عديدة

---------------------------------

الحلقة القادمة

ثانيا :دور الفرس الديني

» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الحادية عشر )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري )الحلقة الاولى )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الثانية )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الثالثة )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الرابعة )