سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقةالتاسعة )

محمد ابن الحسن العسكري: المهدي المنتظر
********************************
لم يكن للامام الحسن العسكري وهو الامام الحادي عشر للشيعة الامامية ،

عندما توفي سنة 260ه. من الذكور الا ولد واحد ، اسمه "محمد" .

ومحمد هذا هو الامام الثاني عشر للشيعة الامامية ، ولم يتجاوز عمره

الخامسة عند وفاة ابيه، وتقول الروايات ان محمدا هذا ؛ بقي مختفيا عن

الانظار طيلة خمسة وستين سنة منذ ان تسلم الامامة ، وكان اتصاله

بالناس خلالها عن طريق نوابه الاربعة الذين عينهم خصيصا لهذا الامر،

وهذه المرحلة تسميها الشيعة بالغيبة الصغرى ، والنواب الاربعة هم

عثمان ابن سيد العمري ، محمد بن عثمان ابن سبد العمري، حسين

ابن روح و علي ابن محمد السيمري.

وفي سنة 329 ه اعلن آخر هؤلاء النواب "علي ابن محمد السيمري"

ان رسالة قد وصلته من الامام الغائب هذا نصها

" لقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور الا بعد ان يأذن الله ، فمن ادعى رؤيتي

فهو كذاب مفتر"

وهكذا اعتبر هذا التاريخ 329 ه ، بداية الغيبة الكبرى ، وان الامام محمد

سيعود يوما ولكن بصفته المهدي المنتظر ، الذي يملأ الارض قسطا وعدلا بعد

ان ملئت ظلما وجورا .

قصة المهدي المنتظر معروفة في الصحاح ، وليس هنا مكان شرحها ونقاشها ،

انما للاشارة الى التشويه الذي اعتمده هؤلاء الوكلاء الاربعة ، وللمناسبة

فالاربعة من الفرس .

طبعا لم يكن صعبا على ائمة الشيعة اقناع اتباع مذهبهم بغيبة امامهم

الثاني عشر ، فللامام من القدسية والهالة والعظمة ما يجعله مؤهلا

لاختراق قوانين الطبيعة ، باذن الله القادر المقتدر،

الم يخبرنا الله عن نوح وقومه بقوله :

وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِينَ عَامً۬ا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ
وَهُمۡ ظَـٰلِمُونَ (١٤) العنكبوت

الم يخبرنا الله عن اهل الكهف بقوله :

وَلَبِثُواْ فِى كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِاْئَةٍ۬ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعً۬ا (٢٥) الكهف

الم يخبرنا عن رفع السيد المسيح اليه بقوله:

بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمً۬ا (١٥٨) النساء

ثم راحوا بعد ذلك يروجون لحديث المهدي الذي ذكره الترمذي في صحاحه

عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:

لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه

رجلا من اهل بيتي يواطىء اسمه اسمي".

وفي مسند احمد عن النبي صلى الله عليه وسلم :

" لا تنقضي الايام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي

يواطىء اسمه اسمي "

وهذه احاديث ومثلها يعتمدها اهل السنة ايضا للدلالة على حتمية

ظهور المهدي ، الا انه ليس شخصا معينا غائبا يُنتَظَرُ ظهوره كما يعتقد

الشيعة في المهدي .

وكذلك لم يكن صعبا على علماء الشيعة من قبلُ اقناع اتباعهم بشرعية

ولاية وامامة طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره ، فقد سبق المهدي انبياء

ذكرهم الله في كتابه ، أتاهم الحكم في صباهم.

الم يخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عن يحي النبي في قوله تعالى:

يَـٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡڪِتَـٰبَ بِقُوَّةٍ۬ۖ وَءَاتَيۡنَـٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيًّ۬ا (١٢)مريم

وعيسى ابن مريم كان في المهد صبيا وآتاه الله الكتاب ، قال تعالى:

فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِۖ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلۡمَهۡدِ صَبِيًّ۬ا (٢٩) قَالَ إِنِّى عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَٮٰنِىَ
ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّ۬ا (٣٠) مريم.

أما لماذا كانت الغيبة ، وما الدافع الى ذلك ؟ !!.

للمسالة وجهين ، الاول يتعلق بالغيبة الصغرى ، والآخر بالغيبة الكبرى.

اما فلسفة الغيبة الصغرى ، فكان الخوف على الامام الصغير وهو بعد طفل ،

من أن تطاله يد الحكم العباسي ، فاعلن عثمان ابن سيد العمري غيبته

المؤقتة ، واصبحت العلاقة بين الامام المختفي والاتباع من خلال النواب

بصفتهم وكلاء .

ثم للمسالة ايضا وجها سياسيا رتبته المعارضة للخلافة العباسية باعتبارها

خلافة غير شرعية ، وقد رسمت المعارضة وعلى مدى خمسة وستين عاما

قصة الامام الحاضر عبر نوابه ، الغائب عن الساحة ظاهرا ، فكانت آراء المعارضة

ومواقفها تعلن باسم الامام الغائب ، والحكومةعاجزة عن وقف ذلك والتصدي

له ، الامر الذي انهكها بالفعل.

الا ان للبعض رايا آخر ، فقد قيل ان الطفل مات فيما بعد من قبل ان يدرك

الشباب ، وان اعلان ذلك سوف يؤدي الى انتهاء المذهب ، وقدر كبار الشيعة

ادعاء الغيبة لغاية ترتيب الامور بما يضمن استمرار المذهب ، واستمرار الدور

المشبوه الذي كانوا يؤدونه في مواقعهم بصفتهم مرجعية رسمية .

وسوف نجد ان كثيرا من الانحرافات التي ظهرت فيما بعد كان مصدرها

مراسيم صدرت عن الامام الغائب خلال غيبته الصغرى عبر نوابه الاربعة ،

مثل ذكاة الخمس وولاية الفقيه في المجتهدين واستبدال القياس بالدليل

العقلي وجعلوه الاصل الرابع في استنباط الاحكام الفقهية وغيرذلك كثير.

ثم كانت المؤامرة الثانية عام 329 ه باعلان الوكيل علي ابن محمد

السيمري "الغيبة الكبرى "، ومعها انتقلت صلاحية الامامة الى مشايخ

وفقهاء الشيعة ، بما يعني انهاء دور الامام في القيادة الروحية والسياسية ،

هذا الانتقال يعتبره بعض علماء الشيعة المؤامرة الكبرى على آل البيت

والامام المهدي والشيعة ، ويسمون اعلان الغيبة بمصطلح " تطويق الغيبة " .

ولشرح ذلك سنستمع الى ما كتبه الامام المجدد د.موسى الموسوي

في كتابه " المتآمرون على المسلمين الشيعة من معاوية الى ولاة الفقه" .

قال:

"هذه المؤامرة كانت ضرورية لتثبيت فكرة المزاج بين الامامة والخلافة ،

وما يترتب عليه من آثار."

ويقول:" ان مؤامرة تطويق الغيبة لو كشف الغطاء عنها قبل هذا اليوم لعادت

المرجعية الشيعية الى حجمها الطبيعي ، لا هيمنة ولا تصرف في الاموال

الشرعية باسم الخمس ونيابة الامام ، ولا ولاية للفقيه ...

ويقول :" ان مؤامرة "تطويق الغيبة " التي كانت تعني انهاء القيادة الروحية

للامام المهدي، لم تكن في صالح الخلافة العباسية فحسب

(انهت المعارضة فعلا) ، بل كانت ولم تزل في صالح كل الانظمة الاستبدادية

، وفي صالح الزعامات الروحية معا ".

ويستطرد :" ان هذه القاعدة العجيبة الرهيبة التي هي وجوب اطاعة اوامر

المجتهدين وتقليدهم على ضوء نقل صلاحيات الامام اليهم ، أحدثت في

المجتمع الشيعي ارباكا عظيما ليس مثله ارباك، ثم جعلت على الشيعة

أوصياء واولياء بعدد الرمل والحصى لكثرة المجتهدين او كثرة المدعين للاجتهاد."

ان نظرية الامام الغائب المنتظر ، استدعت وجود الوكيل ( الناطق باسمه)

والمرجع المجتهد ، ثم استدعى ذلك ثلة من الاجتهادات المفروضة على كل

شيعي بما يلزمه الاتباع والتقليد لواحد من هؤلاء الوكلاء ، ثم فتاوى اخرى

بعصمة الولي الفقيه

والى ما هنالك من انحرافات سنتعرض اليها واحدة تلوى الاخرى باذن الله

تعالى ، الا اني اود الاعلام بان للشيعة في ايامنا هذه اكثر من عشر

مراجع للتقليد ، ولكل واحد منهم رسالته الفقهية العالمية واتباعه المخلصين

، بعضهم في " النجف" وآخرون في "قم" وغيرهما ، وان اتباع هؤلاء واجب

بحق الشيعة تحت طائلة بطلان الصلاة والصوم ، وهؤلاء المراجع يقومون

مقام الامام المنتظر في بيان الاحكام الشرعية وكذلك في استلام الحقوق

الشرعية التي كانت تدفع للامام المهدي في

عصره حسب ادعائهم مثل زكاة الخمس وغيرها. وهذا ما يراه البعض مسالة

خطيرة قد تكون وراء اخفاء الامام المهدي.

دائما فتش عن السلطة والمال.

» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة العاشرة )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الحادية عشر )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري )الحلقة الاولى )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الثانية )
» سلسلة الانحراف الشيعي الاثنا عشري (الحلقة الثالثة )