سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة الحادية عشر)

الحلقة الحادية عشر

في نظرة الى طريقة تركيز الحكم والسيطرة لآل الاسد في سوريا وللعلويين من خلفها فقد

انشأ الاسد سبعة عشر جهازا امنيا داخليا ،تضاف الى التشكيلات العسكرية ، و يأتي في

مقدمها الاجهزة الآتية :

- سرايا الدفاع : وهي عبارة عن جيش خاص يرأسه رفعت الاسد ، ثم تم تسريح اعداد كبيرة

منها عقب محاولة رفعت الاسد الفاشلة للاستيلاء على السلطة ، فبعد ان كان تعداده

خمسة وخمسون الف رجل بقيادة رفعت الاسد ، خُفض الى حجم فرقة تعدادها عشرين

الف رجل لها دروعها الخاصة بها وكذلك مدفعيتها ودفاعها الجوي واسطولها من المروحيات

الناقلة للجند ، وكانت لرجال هذه الفرقة امتيازاتهم الخاصة ورواتبهم المميزة .

- المخابرات العسكرية بقيادة علي دوبا (علوي)

- مخابرات القوة الجوية بادارة محمد الخولي (علوي)

- المخابرات العامة بادارة فؤاد عبسي (علوي)

- القوات الخاصة بقيادة علي حيدر (علوي) منتقاة من النخبة من المغاوير ، تعدادها قريبا

من خمسة عشر الف رجل

- الحرس الجمهوري بقيادة عدنان مخلوف (علوي) وتعداده حوالي العشرة الاف رجل

- سرايا الصراع بقيادة عدنان الاسد (علوي) وهي قوة امنية صغيرة بالمقارنة

مع غيرها من القوى الاخرى

وفي الجيش النظامي كان اعتماد الاسد على بعض الضباط الكبار ، منهم:

شفيق فياض وابراهيم صافي قائدا الفرقتين المدرعتين الثالثة والاولى ،

وعلي صالح آمر اطقم الصواريخ ،

وعلي اصلان مدير العمليات ونائب رئيس الاركان، وكلهم علويون

يضاف الى هؤلاء نائب فؤاد العبسي محمد ناصيف (علوي) مستشار الاسد في

شؤون الشيعة سواء في لبنان او ايران

كان هؤلاء الدعائم الخفية للنظام ، في حين يقف الى جانب الاسد في العلن كل من :

عبد الحليم خدام- سني (وزير الخارجية) ، ومصطفى طلاس- سني (وزير الدفاع)،

واحمد اسكندر احمد- علوي (وزير الاعلام).

لقد رافق هؤلاء الاسد طيلة حياته ، لقد اخلصوا له الولاء ، فاستحقوا بقائهم في مراكزهم .

غير ان سوريا غرقت في الفساد ، وادى الامر الى بروز ذوي الثراء الفاحش وخاصة

بين العلويين ، بامتيازاتهم ، وتجاوزاتهم ونزعتهم الاستهلاكية السافرة ، والاخطر من

الفساد ذلك السجل الاسود للنظام في ميدان حقوق الانسان ، وخاصة مع الصلاحيات

المطلقة لاجهزة الامن والظروف القاسية في المعتقلات ، بما في ذلك اللجوء الى

التعذيب ، وانعدام وجود قضاء مستقل استقلالا حقيقيا ، وانعدام الحريات الخاصة والعامة ،

وغياب قواعد واضحة تحكم العلاقات بين الفرد والدولة بما يشعر المواطن بالامان ،

وزاد من الطين بلة محاولة النظام قولبة المجتمع بشكل نمطي ، عبر كل الوسائل من

صحافة واعلام ومنظمات حزبية وشبابية ، هكذا مضت سوريا في عهد حافظ الاسد

حزينة كئيبة ، غير ان الاسد كان قادرا على اشغال السوريين دائما باحداث يدفع بها الى

قمة الاولويات ، كتلك التي افتعلها مع الاردن واستمرت من اكتوبر 1983 حتى نهاية

سنة 1985 ، نتيجة للتقارب الاردني الفلسطيني كانت خلالها العبوات الناسفة

والاغتيالات تلاحق الاردنيين والمصالح الاردنية ، ولم يتردد الملك حسين في الرد

وبنفس الاسلوب ، ولا شك انهما استخدما اطرافا اخرى بالوكالة ، على شاكلة :

"ابو نضال" و"ابوموسى" ، وانتهت باعتراف الملك حسين بالهزيمة .

كان الرئيس الأسد الأب "مُشخصِناً السلطة"، ويحكم بمقاليدها في يديه، ويقبض على زمام

الأمور من جميع نواحيها ، ولم يكن بوسع اي كان الاعتراض على أي قرار رئاسي .

في ظل الاسد الاب عاشت بلاد الشام باسرها فيما اطلق عليه كمال جنبلاط احد ضحايا

الاسد "السجن العربي الكبير"، لقد بقي الاسد وحتى وفاته مصدر رعب لملايين السوريين ،

فقد استطاع الاسد اقامة احد اقوى الانظمة المخابراتية في الشرق الاوسط واكتظت

السجون بالاف المعتقلين من ابناء شعبه ، ولاسباب متعددة ياتي في مقدمها التعبير

عن الرأي السياسي المخالف ، وصولا الى تهم ملفقة نتيجة خلافات على مصالح تخص

احد الحزبيين او غيرهم ممن يسمى " بالشبيحة "، ناهيك عن من ضمتهم الارض من

معارضي النظام ، وقد قدره البعض باكثر من مائة الف معارض ،

الى جانب ادواته القمعية الرهيبة ، فرض الاسد على السوريين ترهيبا من نوع آخر ،

تمثل في تلك الصورة التي اراد فرضها على ابناء شعبه الى حد التأليه .

لقد صور حافظ الأسد في الخطاب السياسي السوري المعاصر، عموما، على أنه

حاضر في كل مكان وأنه عالم بكل شيء، ويظهر الأسد من خلال الصورة المنشورة في

الصحف بصورة الأب والمناضل والمعلم الأول ومنقذ لبنان والقائد إلى الأبد، وغيرها من الالقاب ،

الى جانب ذلك ، فقد اُجبر السوريون على تطويع مواهبهم لخدمة الدعاية الرسمية ،

وأن يحيوا الشعارات والمظاهر التي تمجد الحزب والرئيس

غير ان عبقرية الاسد المميزة بقيت في تلك الشعارات ذات البعد القومي ، والتي حاول ان

يكتسب من خلالها شرعية وجود النظام ، الفاقد للشرعية ،ونعني بذلك شعارات المقاومة

والصمود والتصدي ، والتوازن الاستراتيجي ، وغيرها من الشعارات التي اكتفت بالانشاء

السياسي والبلاغي ، غير انها أمنت للنظام موقعا خاصا على خريطة المنطقة ، واستطاع

الاسد من خلالها ابقاء سوريا في منتصف المسافة بين السلم والحرب ، تلك السياسة التي

ابقت النظام طول الوقت ، من دون مغامرة عسكرية او سياسية تنال من بريق "مقاومته

ومناعته ".

توفي الاسد في 10 يونيو(حزيران) سنة2000 ، عن عمر يناهز تسع وستين سنة ، بعد معاناة

لسنوات مع مرض سرطان الدم ، وورثه من بعده ابنه بشار متحصنا بذلك الارث الذهبي ،

ليمنحه شيئا من الشرعية في أعين سوريين وعرب رأوا في "دعمه" حزب الله وحركة

حماس مثالا على البعد القومي للسياسة الخارجية السورية.

» سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة العاشرة)
» سوريا ...نهاية مرحلة (الحلقة التاسعة).
» سوريا ...نهاية مرحلة (الحلقة الثامنة ).
» سوريا ...نهاية مرحلة (الحلقة السابعة ).
» سوريا ...نهاية مرحلة (الحلقة السادسة ).