الظاهر والباطن (مدارج الصالحين )

الظاهر والباطن
*************

كان وما زال : الدين الاسلامي هو القوة الروحية السائدة في المجتمعات

الاسلامية ، لذلك كثيرا ما اعتمدت القوى سواء الحاكمة او المعارضة لها ،

نصوصا قرآنية ، وأحاديث منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فسّرتها

على نحو يخدم مصالحها و دعواها و مكاسبها وامتيازاتها ، ولتبرر تصرفاتها

كيفما كانت .

ومن أمثلة ذلك ما استخدمه العباسيزن لتوطيد دولتهم ، فمما يرويه

بعض هؤلاء على لسان ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ، بأنه قال :

سمعت رسول الله يقول :

منا القائم ومنا المنصور ، ومنا السفاح ومنا المهدي (كلهم خلفاء عباسيون )،

فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمة دم ، وأما المنصور

فلا ترد له راية ، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم ، واما المهدي

فيملؤها عدلا كما مائت ظلما.

وكذلك فعلت المعارضة في تفنيد حجج خصومها ، وزاد بعضهم وغالى

بان جعل لكل كلمة في القرآن الكريم معنيان :

معنى ظاهري : يفهمه الجميع ، ومعنى باطني: لا يدرك الا بالتأويل ،

ولا يفهمه الا كل ذي بصيرة بزعمهم ، واستدلوا على ذلك بآيات قرآنبة

تؤكد وجود ظاهر وباطن له.

وقد رووا على لسان الامام علي رضي الله عنه قوله: ما من آية في

القرآن الا ولها أربعة معان ، ظاهر وباطن وحد ومطلع، وبعضهم نسب

هذا الكلام الى النبي صلى الله عليه وسلم.

ونظرية الظاهر والباطن بدأت منذ فجر الاسلام ثم تطورت حتى اصبحت

تطلق على الحركة التي تاخذ بها (الباطنية) ومن اشهرها : الصوفية

والشيعة .

وتكمن خطورة هذه النظرية انها تؤدي الى رفض الشريعة ...كيف؟

فوفقا لهذه النظرية فان الشربعة مجرد حقيقة ظاهرة ، والجوهر يكمن

في الحقيقة الباطنية وليس الظاهر منها ، وعند الصوفية فالاساس

جوهر الامور ، اي باطنها ، وهي التي يرجع اليها ، فمن عرف باطن الامور

وجوهرها سقط عنه ظاهرها ، وبالتالي اسقط عنه التكليف الذي هو من

ظواهر الامور.

اذا النتيجة رفض الشريعة وبالتالي رفض التكاليف الشرعية والخروج من

العبودية ، والنتيجة التلقائية رفض النظام الاجتماعي المبني على

متطلبات الشريعة بكامله.

ونسبوا الى الامام جعفر الصادق انه قال:

" من عرف الباطن فقد سقط عنه عمل الظاهر ، وما دام لا يعرف هذه

الدرجات ولا يبلغها بمعرفته ، فاذا بلغها وعرفها منزلة منزلة ، ودرجة درجة ،

فهو حينئذ حر ، بمعنى سقطت عنه العبودية ، وخرج من حد المملوكية

الى حد الحرية باشتهائه ومعرفته.

غير اننا وبعيدا عن المفاهيم الفاسدة ، فان بعضا من الفاظ القرآن الكريم،

ما هو مجمل وما هو مبين وما هو منطوق وما هو مفهوم ، فالمنطوق مثلا

ما دل عليه اللفظ في محل النطق، فإن أفاد معنى وهو لا يحتمل غيره

فالنص، وإن احتمل معنيين فحمل على الراجح فهو الظاهر، وإن حمل

على المرجوح فهو المؤول ، وينبغي التوقف عند حدود هذه المفاهيم ،

حتى اذا خرجنا عنها الى منطق ؛ ما يفهمه الخاصة يختلف عن فهم

العامة ، فقد ولجنا منعطفا يميل بنا الى الضلال .

واهل الباطل اتحفونا بتاويلاتهم ، فيقولون مثلا :

" الأمر بالصوم في القرآن المراد به حفظ أسرار الشيوخ

والمراد بالحج حج المشاهد

والمراد بالصلوات الخمس علي وفاطمة والحسن والحسين والإمام المنتظر

وكثير غيره مما يعتبر كفرا وضلالا.

*********
اردت بهذه المقالة مجرد الاشارة الى المقصود بمفهوم " الظاهر والباطن "

لاننا سوف نتطرق اليها كثيرا كلما تحدثنا عن المذاهب والايديولوجيات

والافكار التي ما زالت تفعل فعلها في تفتيت الامة والجنوح بها عن جادة

الحق وطريق النبوة.

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)