سوريا .....نهاية مرحلة(الحلقةالرابعة )

سوريا.......نهاية مرحلة (الحلقة الرابعة)

وعى النظام السوري مبكرا اهمية استخدام الورقة الفلسطينية في اطار النزاعات التي

يخوضها ، سواء في الداخل اوفي مواجهة العزلة العربية والدولية ، او في التنافس القائم على

الزعامة مع عبد الناصر ، وحتى على مستوى النزاع العربي الاسرائيلي ، فاصبحت العمليات

الفدائية توجه بالرموت كنترول السوري ، وبما يخدم مصلحة النظام ، وعندما حاول عرفات
التخلص من الكبح السوري في صيف 1966 ، قام الاسد بحبسه مع عدد من جماعته لمدة 55

يوما في سجن المزة ، كانت هذه الحادثة بداية النفور بين الاسد وياسر عرفات ، والذي انعكس

فيما بعد معارك بين المنظمات التابعة لسوريا(لبنانية وفلسطينية ) وفتح كان لبنان مسرحا لها ،

ثم ادارة انشقاق داخل فتح ، تحت اسم فتح الانتفاضة ، عانت جرائه المخيمات الفلسطينية

في لبنان ، وازهقت الكثير من الارواح ، وطالت لوثتها مدينة طرابلس وما جاورها من البلدات

اللبنانية.

وكذلك شهدت تلك المرحلة وحتى حرب 67 حالة من اضطراب العلاقة وحال من عدم الثقة بين

النظام السوري والنظام العربي عامة ، وعبد الناصر على وجه الخصوص، رغم ان عبد الناصر

حاول كبح جماح السوريين ، فيما كان يراه تهورا وتحركا غير محسوب العواقب ، على جبهة

المواجهة مع اسرائيل ، ولما عجز عن ضبط السوريين من خلال القمم العربية ، عمد الى عقد

اتفاقية دفاع مشترك معهم ، في محاولة لاستعادة بعض السيطرة على رسم السياسة في

دمشق ، الا ان تلك المعاهدة كانت الفخ الذي نصبه السوريون لعبد الناصر، والذي كانت تنتظره

اسرائيل بفارغ الصبر، فراحت تلقي بالطعم لسوريا مستهدفة تدمير الجيش المصري ، لقد

تدربت اسرائيل فترة طويلة لتنفيذ مخططها ذلك ، وكانت حرب 67...

كان عبد الناصر يقول : "من يبدأ بسوريا فسينتهي بمصر " ، وفي كلام لهيكل فيما بعد يقول : "

لقد كنا نتشاجر مع سوريا ، ونرى ان نظامها منفر من الناحية السياسية ، ولكن كان هناك

معنىًََ آخر تظهر فيه سوريا كحليف مصر الطبيعي ، ولم يكن من المتصور ان يُسمح لاسرائيل

بان تشن حربا على جبهة واحدة فقط " .

هذا النوع من الشك رافقت دائما العلاقة المصرية السورية في ظل نظام البعث ، الا ان قدر

مصر وسوريا ان يكونا معا ، في السراء كما في الضراء ،عندما يتم رسم مصير الامة والمنطقة

بكاملها، ربما تشاركا الضراء ، وارى ان الوقت قد حان لان يتشاركا السراء ايضا .

لن نعرج في هذه الحلقات على تفاصيل الهزيمة السورية في الجولان ، وقد قيل فيها الكثير ،

ويكفي اعتراف اسرائيل ، ان تلك الهزيمة لم تكن منطقية على الاطلاق ، لقد قاتل 600 جندي

سوري فقط بشجاعة منقطعة النظير، واستشهدوا في مواقعهم ،ودُمِرَ لاسرائيل 160دبابة ،

والاعتراف الاسرائيلي يستمر ،لقد تعبنا وكنا في صدد وقف التقدم والاكتفاء بما احرزناه ، الا ان

رئيس الاركان السوري اصدر امره بالانسحاب ، واعلن راديو دمشق سقوط القنيطرة ، ولم تكن

قد سقطت ابدا ، النظام السوري هو من اسقط المدينة ، والبس سوريا عار الهزيمة ، ولم

تنزعه عنها بعد الى اليوم ، لم يدرك النظام ان النصر منة من الله ، وكذلك التمكين في الارض ،

ولا اظنه سوف يدرك ذلك ابدا..

وزاد في الطين بلة بعد الهزيمة المنكرة ، ان وسائل الاعلام السورية راحت تدعي بحماقة ان

اسرائيل لم تحقق اغراضها بالحرب ، طالما انها اخفقت في في اسقاط النظام ، لقد مارس

النظام سياسة التلفيق واستغباء الراي العام ، ويبدو انه ما زال يستمرىء تلك السياسة الى

اليوم ، حيث يخرج علينا عبر الاعلام ثلة من المنافقين التبريريين ، ضاربين بعرض الحائط كل

المشاهد الحية المنقولة من الميدان ، ام اقل لكم ان الضرورة تحتم فهم آليات النظام القائم

على التدليس والمكر والتقية السياسية ، ولولاها ما كان ليستمر الى يومنا هذا.

حاول الاسد ان ينأى بنفسه عن تحمل مسؤولية الكارثة ، في الوقت الذي كانت توجه اليه

اتهامات زملائه كونه وزيرا للدفاع ، في حين انه كان يُحَمِّل السؤولية لرئيس اللجنة العسكرية "

صلاح جديد" الحاكم الفعلي لسوريا ، ومع اشتداد الخلافات شعر الاسد انه بات في سباق مع

الوقت ، ويجب عليه ان يعمل بسرعة وبصمت وبباطنيته المعهودة للانفراد بالحكم ، فعمد الى

بناء قاعدة شخصية له في القوات المسلحة ، عن طريق تقديم الخدمات والمنح ، وتحسين

اوضاع زملائه من امثال ضابط المدرعات " مصطفى طليس – السني " والمتورط في المحاكمات

العسكرية التي اذهقت ارواح الكثير من السوريين ، والذي رفعه الاسد الى رتبة رئيس الاركان

في اوج الخلاف.

ثم زاد من الامر الخلاف داخل المنظومة الحاكمة حول السياسات المستقبلية للحزب ، وعلاقاته

مع الاحزاب المنافسة وجمهور الناس ،والدول العربية والاجنبية وخاصة اميركا والاتحاد

السوفيتي ، لقد تركز الاختلاف بين الاسد وجديد ، واصبح ذلك مدار الحديث داخل الحزب

والجيش ، وبدأت معها عملية استقطاب ، ثم عمد الاسد الى اتخاذ اجراءات داخل الجيش ،

واوامر فصل ، طالت المقربين من جديد ،وبينهم ضباط علويون .

في هذه المرحلة بدأت تظهر بعض حالات التململ داخل الجيش من قبل بعض الضباط السنة

(معظمهم بعثيون من حوران) بسبب النفوذ العلوي داخل الجيش من دون وجه حق ، فانتهى

الامر الى هروب بعض الضباط السنة وعلى راسهم رئيس الاركان المطرود احمد سويداني ، الا

انه اعتقل فيما بعد.

رغم كل عمليات الفصل التي طالت انصاره، الا ان شديد ظل يسيطر على الامن والمخابرات

بواسطة عبد الكريم الجندي (الاسماعيلي عضو اللجنة العسكرية ) الذي اثار الرعب في سوريا

، وحول المدن الرئيسية ليلا الى مدن اشباح ، كانت قصص التعذيب والاعتقال التعسفي ،

ووضع اليد على املاك البعض ، تنتشر في كل مكان، وكان الجندي رجل " جديد " وقبضته

الحديدية ، غير انه كان للاسد ايضا قبضته الحديدية متمثلة بوحدة عسكرية متخصصة يقودها

اخوه رفعت الاسد ، واستخدم الاسد قبضته وضيق الخناق على الجندي ، فما كان مه الا ان

انتحر، لقد كان مسؤولا عن جرائم كثيرة وكان متعجرفا ، فلم يطق فكرة المحاكمات التي

ستنتهي حتما بالادانة والاعدام ، لقد تكررت عمليات انتحار اولائك الذين خدموا النظام ، وارتكبوا

الفظائع في سبيل ذلك ، عندما تنتهي الادوار ، يجب تصويب المسدس الى الراس ، الم يفعل

ذلك غازي كنعان ؟؟

وهكذا فقد الجندي قبضته الحديدية ، ولم يبقى امام طموح الاسد من مؤسسي اللجنة

العسكرية الا " جديد " وكان لا يزال يسيطر على الجهاز الحزبي ، الا ان الاسد لم يضيع الوقت ،

فمع انتهاء اعمال المؤتمر الحزبي بتاريخ 12/11/1970 والذي حاول " جديد" تظهير قرارات تجريد

الاسد من مسؤولياته ، عمد الاسد الى اعتقال خصومه وعلى راسهم جديد نفسه ، كما

اعتقل كل من يمت اليه بصلة داخل الادارة والجيش ، وطالت الاعتقالات جميع انحاء سوريا ، بما

سمي فيما بعد " الحركة التصحيحية " ، وبات معها الاسد رجل سوريا القوي ..

» سوريا .....نهاية مرحلة (الحلقةالثانية)
» سوريا .....نهاية مرحلة (الحلقة الثالثة )
» سوريا .....نهاية مرحلة (الحلقة الاولى)
» سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة الحادية عشر)
» سوريا....نهاية مرحلة (الحلقة العاشرة)