الاسلام هو الحل (بين الشعار والمضمون )-3-

العلم فريضة قائمة ، ومسالة رائدة
******************

في كتابه " من بعيد" المنشور سنة 1935 ، وفي بحث بعنوان

"بين العلم والدين " ، يشير "طه حسين " الى حتمية الخصومة

بين العلم والدين ، وانه لحل تلك الخصومة ؛ لا بد من اقامة حكومة

لا دينية ، أي بفصل الدين عن الدولة .

هذا نموذج عن تلك العقلية السائدة لدى فئة مضللة من ابناء الامة ،

ممن يسمون انفسهم بالمتنورين ، او المثقفين ، او العلمانيين ..الخ

التسميات الوهمية ، نموذج يروج للعلم على اساس انه هو الذي

يتجاوب مع العقل ويغذيه ، فيما الدين يتعامل مع العاطفة فقط .

وهذه النظرية مع الاسف الشديد دليل على الجهل ، فالعلم يا سادة

يرتبط بالمشاهدات وتراكم الخبرات ، وما ينتجاه من مبادىء ،

فيما العقل يتعامل مع البديهيات والحقائق الثابتة ، لينتج منهما

فلسفة ، والعلم لا يهتم فيما اذا كانت تلك المبادىء معقولة

او غير معقولة ، كما انه لا يهتم باتساع الهوة بين التفكير العلمي

والتفكير الفلسفي .

يخذلنا العلمانيون مرة اخرى ، عندما يفشلون في موائمة تصوراتهم

مع الواقع ، فكيف لنا ان نجد حدا فاصلا مثلا ، بين العقل والقلب ؟

وهل يمكن واقعا ايجاد حد فاصل بين الارواح والاجسام؟

ولو اننا استعرضنا مسائل العلم ، فهي لن تخرج عن كونها ؛

نظريات وقوانين وتحليل ووصف للوقائع ، والحقيقة ، أن تحليل الوقائع

سينتهي الى نظرية او قانون ، وباي حال ، فان تحليل الوقائع لا يمكن

ان يتم بشكل سليم بمعزل عن الفطرة البشرية ، مرة أخرى

يستحيل فصل العقل عن القلب في متاهة العلم !!

ثم ما الذي تغير ؟؟
*************
كانت الفكرة السائدة لدى الكهنوت المتحكم بمصائر الناس خلال عصور

الظلام في اوروبا ، اخضاع العلم باعتباره وسيلة لاهداف القوة المتسلطة ،

فعندما حلت قوى اخرى حاكمة فيما بعد ، لم تتغير النظرة الى العلم ،

فهتلر مثلا سخر ايضا قوانين العلم لانتاج ادوات التدمير التي

ستساعده فيما بعد للسيطرة والتوسع والتحكم ، ولينين فعل

نفس الشيء ، والاميركان لم يتوانوا عن استخدام القنبلة الذرية

ضد اليبانيين ، واسرائيل جعلت من الدول المجاورة حقل تجارب

لاحدث الاسلحة المصنعة ، ناهيك عن تجارب الاسلحة الفراغية

في افغانستان وتجاربهم في العراق ...الخ ...

ولو عدنا الى الاسلام !!
*****************
سنجد بما انزله الله على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم ،

في أول آياته ، وكثير بعدها ، حفزا على العلم والتعلم ، واعمال النظر

والعقل ،بما هو تدبر في ملكوت السماوات والارض ، وما خلق الله

من شيء ، والنفوذ الى ذلك العالم الواسع تدبرا ، وفهما ، بسلطان

العقل ، وما توصلناه من وسائل ، وان يكون ذلك تعبدا لله عز وجل

وتقربا اليه واعترافا بفضله وعظمته ، وان تسخر نتائج ذلك كله

لخدمة البشرية بكل تلاوينها ، وواقع المسلمين ، عندما دانت لهم الامم

باعظم ارث ، ارث العلم ، والمعرفة ، بكل ابوابه ، يشهد بذلك .

ان نظرة الاسلام للعلم ، وحثه عليه ، ومباركته له ، برفع درجات

القائمين به والمنفقين عليه ، جعلته ميزة لحضارة الاسلام ، وتحولت

بالعلم من أن يكون في خدمة مشاريع الانظمة الحاكمة ، الى ان يكون

خدمة لبناء حضارة الانسان ، وعمارة الارض ، وليكون معها العلم

مسالة تعبدية ، يتشاركها العقل والقلب ، وان توزن قيمته ونتائجه

بمعايير الرضى والقبول الرباني .

لذلك ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ( العلماء ورثة الانبياء ).

انطلاقا من هذا الفهم ، وانقاذا للبشرية ، والعودة بالعلم الى دائرة

المعروف ، نؤمن ان الاسلام هو الحل .!!..

» الاسلام هو الحل (بين الشعار والمضمون )-1-
» الاسلام هو الحل (بين الشعار والمضمون )-2-
» الاسلام هو الحل (بين الشعار والمضمون )-4-
» عدالة الاسلام في مواجهة الطغيان
» نظرة الى الجهاد في الاسلام وأطواره -4