نظرية المؤامرة بين الحقيقة والوهم

يكثر أن نسمع ونقرأ في زماننا نقدا لنظرية المؤامرة ، حتى بتنا نحسبه أمرا معيبا حتى مجرد تخيل مقدماتها ، وانساق مثقفونا في اطار التيار الرافض للنظرية بشكل مطلق ، وبات الحديث عنها نوعا من اشارات الضعف والاستسلام ، فهل من الحصافة نفي النظرية بالمطلق ، رغم كثرة الوقائع المشبوهة والمثيرة للريبة ؟؟ ..!!

سنستعرض بداية حالة شعب ؛ طالما تم اتهامه بحقده على الشعوب الاخرى وحبكه للمؤامرات ، واثارة الفتن اينما حل او ارتحل ، وكثرت الشواهد في حقيقة ذلك ، وكتب الكثير في هذا الشأن ، ربما في مقالات قادمة نذكر بعضا منها بمصادره ، لكننا في هذه المقدمة سنكتفي بما نبهنا اليه المولى عز وجل في كتابه ، واشار اليه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، حول تلك الفئة التي وصفت نفسها بشعب الله المختار ..!!

فقد وصفهم الله تعالى في كتابه في حالة عداوة شديدة للاسلام وللمسلمين ، والعداوة هذه سببا مباشرا للحقد والكراهية ، والحقد ادى بهم الى ايقاد نار الحروب ضد المسلمين ، وبين بعضهم البعض اذا تأتى لهم الفرصة لذلك ، وتطاولوا على رب العزة ، فقالوا فيه ما قالوا ، وكذبوا عليه وصدوا عن سبيله ، وتاصلت فيهم صفات الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق والمعصية والعدوان والبغي وأكل اموال الناس بالباطل وكتمان العلم وتسهيل كل انواع المنكرونشر الفساد والرذيلة ، كما كان من شانهم قتل الانبياء والمصلحين ، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن «أشدُّ النَّاس عذابًا يوم القيامةرجُل قتلَه نبيٌّ أو قتل نبيًّا» .

انساق اليهود الى ما صاغوه في تلمودهم مما يمكن تسميته ” قواعد سلوك عامة ” سواء في علاقة اليهودي باليهودي ، اوعلاقتهم بغيرهم ممن اسموهم ” الاغيار ” او ”الجوييم- بالعبرية ” وتتضمن هذه الصفة بعرفهم كل ما هو غير يهودي ، وبالتالي خارج عن القداسة التي عليها اليهود بصفتهم شعب الله المختار ، فالتعامل مع ”المقدس“ لا بد ان يختلف مع ” غير المقدس“ ، فارواح اليهود مستمدة من الكيان المقدَّس، في حين صدرت أرواح الأغيار من المحارات الشيطانية ، والخيرون من الأغيار هم أجساد
أغيار لها أرواح يهودية ضلت سبيلها.
فقد جاء في سفر أشعياء (61/5 ـ 6): "ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم. أما أنتم فتُدعَون كهنة الرب تُسمَّون خدام إلهنا. تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتأمَّرون".
كما جاء في سفر ميخا (4/12): "قومي ودوسي يا بنت صهيون لأني أجعل قرنك حديداً وأظلافك أجعلها نحاساً فتسحقين شعوباً كثيرين".
وعليه، طالما اعتبر اليهودي؛ أن دماء الأمم الأخرى وأموالهم كلها مباحة له؛ لأنها مخلوقة لأجله، وتملك الغير لها إنما هو اعتداء وغصب، فسرقة أموال الناس في نظرهم ليست سرقة، وإنما هي استرجاع لحقٍّ كان مغصوباً، وهم ينتحلون لذلك نصوصاً من وضع أحبارهم ، وتضمنها تلمودهم .

هذه العقيدة ، ادت باليهودي ، وبالنظر الى مكره وخبثه وتآمره لتحقيق مراده ، أدت الى ان يكون مكروها اينما في كل بلد استوطنه ، حتى انه في احدى حالات تآمره تلك ، وفي روسيا القيصرية تحديدا ، انتهى امرهم الى مقتل اكثر من عشرة الاف منهم ، وادت بهم الى العزلة في اطار غيتوات خاصة ، وعندما زرت ستراسبورغ ، زرت حيا خاصا باليهود ، وسمعت من الفرنسيين ، قصة خبثهم ومكرهم في وضع يدهم على المنطقة تلك ، بل لا تجد في كل فرنسا ، تلك الحماية الخاصة المكرسة لليهود ، والتي لمستها بنفسي !!.

كل الوقائع التاريخية لتثبت ان التآمر لصيق باليهود ، في كل ارض استوطنوها ، كما انها تثبت ان اليهودي لا يمتنع مطلقا عن استخدام اي وسيلة مهما كانت مقيتة ومرفوضة في عرف الناس وادبياتهم وقيمهم ، في سبيل تحقيق غاياتهم .

وعليه ؛ وما سنبينه فيما بعد من نماذج لتلك المؤامرات ، حتى ما يمكن وصفها بالكونية ، وما يأتي من كلام الله سبحانه ، فهل يبقى لنا من شك في احتمال استمرار التآمر ؟؟ ، بل اني لاجزم بأن استبعاد النظرية من اساسها لهو بعض المؤامرة ..!!

قال تعالى :
- لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82].
- {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].
- {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:30].
- {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران:181].
- {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة:60]،
-{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف:167].
- {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:13]
- {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران:112]،
- {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79].
- {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة:62-63]
- {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187]
- {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:109].
- {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].

وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم محذرا :
- " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل " أخرجه ابن بطة بإسناد جيد .
- " لتتبعن سنن الذين من قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ، قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن ؟ " متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

أمين قلاوون·22 يوليو، 2016

» حاضر لبنان والمنطقة ومستقبلهما في ظل نظرية ولاية الفقيه