المثقف الثوري في الواجهة

ان المراقب لمجريات الثورة في مصر ليعجب اشد العجب من ذلك التخبط

العجيب الذي كان يتخبطه ابناء الثورة ، يعكسه التصريحات المبهمة احيانا ،

والاتهامات بحق فرقاء آخرين من ابناء الثورة والتي لا تستند الى اي دليل

قطعي الثبوت ، والاعجب ان يتلاعب الاعلام المضلل بالثائرين ، بما يفبركه

من قضايا ومسائل يلتقطها هؤلاء ويتعاملون بمقتضاها وكانها حقائق ،

وفي الواقع اجدني امام اشكالية تتمثل في طغيان الهشاشة في الثقافة

الثورية على المشهد الثوري ،الامر الذي انتبه له اقطاب الثورة المضادة

بادارة مفضوحة للمجلس العسكري الحاكم ، وكاد يطيح بالثورة والثوار .

والمثقف الثوري انسان مبدأي في وعيه وقناعاته ومواقفه ، كل شيء عنده

يوضع في كفة الميزان ، والمثقال ثابت لا يتغير ، وبالتالي الكفاءة العالية في

تمييز الغث من الثمين ، ومن ثَمَّ يأتي القرار اكثر اتزانا وتوافقا مع الاهداف

الثورية المقررة ، دون تاُثر بمنتجات مطابخ السوء.

لذلك نرى المثقف الثوري مقداما ، شجاعا ، موضوعيا ، مضحيا بنفسه وماله

لاجل مبادئه ، وبسعادته لاسعاد الآخرين ، ناقد متحرك سلاحه الحقيقة

التي يكرس كل حياته للكشف عنها، ذلك لانه صاحب رسالة .

والمرااقب كذلك لا بد أن يتوقف عند شلة من الانتهازيين تخترق صفوف

الثورة ، اولائك الذين يحاولون تصيد مسار الاحداث (رِجل بالبور ورِجل بالفلاحة )،

وهؤلاء برغماتيون في العادة ، كثيروا التقلب والتذبذب في المواقف ، وفي

تقلبهم يراعون مصالحهم ، ولا يقيمون وزنا للمبادىء ، يمارسون ادوارا تحتاج

الى ذكائهم ويخاطبون الجماهير معتمدين على ثقافة كل المعارف الاعتيادية

وبالتالي يمارسون انشطتهم معتمدين على تزييف الحقائق والخداع

والتضليل السياسي والتضحية بالمصالح الاستراتيجية للامة في سبيل تحقيق

مصالح ذاتية بحتة .

والانتهازي براغماتي مجرد من اي مبدأ او عقيدة ، يسعى إلى تجميد

المفاهيم وفبركتها بحيث تخدم أهدافه المرحلية ، ويزين الواقع بغية إقناع

الجماهير المعذبة والمسحوقة بما يخدم مصالحه ، وهو العدو اللدود للحقيقة ،

ويبذل كل جهده لكي لا تظهر.

لذلك لا نستغرب اذا ما انقلب الانتهازي على الحزب الذي ينتمي إليه ،

وحتى على وطنه .

وما بين ضحالة الثقافة الثورية عند غالبية الثوار ، وتملق الانتهازيين في

محاولة تسلق الثورة لقطف ثمارها ، وتحركات الثورة المضادة وقد اعادت ترتيب

صفوفها الى الحد الذي تجرأت معه على شيطنة التيار الاسلامي ، في

محاولة لشق الصفوف ، واضعاف الرئيس المنتخب ، فان امر الثورة ونجاحها

يستدعي جهودا حثيثة لتدعيم كيان ثوري قائد ، رجالاته مثقفون ثوريون بقدر

ما يملكون من القدرة على التمثيل والحشد والتاثير الميداني المباشر .

****************

أمين قلاوون