وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ( مدارج الصالحين)

وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا)

جلس الي ولدي ، وبين يديه مصحفه وهو يشير الى آية في سورة لقمان

قال تعالى

*الم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ........*

وسألني : هل المقصود بالنعم الظاهرة والباطنة الطعام والشراب

وحركة الامعاء واخراج الفضلات كما نقرأ في بعض التفاسير؟

قلت : لا طبعا ، وان كان فيما ذكرت نعم جميلة وجليلة

لكن تأمل هذا الكون بما فيه من آيات وبدائع و اعجاز ،

وهذه الارض وما فيها من سهول خصيبة وجبال راسيات ،

وبحارا ممتدة ، وجنات عامرة ، وحيوانات ذلول ،

كل ذلك نعمة سخرها الله لبني البشر ، ونعم الله لا تحصى

فانظر يا ولدي كيف من الله عليك بالتركيب البديع ، والهيئة الحسنة ،

وميزك بميزة العقل والتفكير، والنظر والتدبير .

فان ادركت قيمة الخلق والتسخير ، والعقل والتفكير ، فتدبر يا

رعاك الله ما اودع الله في نفسك حتى تصل من وراء ذلك الى

معرفة الله عز وجل والايمان به.

ثم قلت ، افتح على سورة الغاشية ، واقرأ قوله تعالى :

*أفلا ينظرون الى الابل كيف خلقت * والى السماء كيف رفعت * والى الجبال كيف نصبت * والى الارض كيف سطحت*

ومن فقه النعمة يا ولدي أن تتلمس من خلال المحن – المنح ،

ومن خلال البلاء النعم، وهذا امر لا يفقهه الا المؤمنون حقا .

فهذه امرأة صالحة عثرت فانقطع ظفرها فضحكت!

قيل لها :أما تجدين الوجع ؟ فقالت :

" ان لذة ثوابه ،أزالت عن قلبي مرارة وجعه"

ومن فقه النعمة يا ولدي ان يشكر العبد نعمة ربه عليه،

ذلك لان النعمة منة من الله عز و جل ، الم تقرأ قول الله تعالى :

*"وما بكم من نعمة فمن الله"*..النحل53...

واول مراتب الشكر ان لا تعصي الله بنعمة انعمها عليك،

ثم ان تجتهد في طاعته تعالى بالاعمال الصالحة ،

قال تعالى *" اعملوا آل داوود شكرا*" سبأ..13...

ويلي ذلك احساسك يا ولدي انك مقصر مهما اديت من

واجبات واعمال صالحة في أداء واجب الشكر ،

ذلك ان نعم الله عليك جارية وجلّت عن الحصر والعد ،

وبالتالي جلّت َعن الشكر والحمد.

يا ولدي ؛ لقد طغت الحياة المادية على عقول الناس ،

واصبح الهم الاكبر الكسب المادي ، وسيطرة الغرائز والشهوات ،

ونسى الكثير من الناس نعم الله التي لا تعد ولا تحصى،

وبات لا ينتبه الى نعمة الا بعد فقدانها فيقعد ملوما محسورا.

سالني : يا ابتي ؛ هل وصل الامر ببني البشر الى هذا

المستوى من الجحود والنكران ؟.

قلت : يا ولدي لم يعد الناس يدركون النعم الا بعد فقدانها

فاعمل على ادراك ما غفل عنه الآخرين
وقل الحمد لله على فضل الله ومّنه ونعمه

أمين قلاوون

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)