قضاء وقدر (مدارج الصالحين)

قضاء وقدر

اتاني وبيده ورقة ، يشير الى ما فيها ويسأل !!..

ابي !!

هذا مقال لك ، فاسمح لي ان اعيد عليك ما كتبت عند نهايته

وليتني أحظى ببعض من تبيين، ثم قرأ !!..

" فالله مبدع الاشياء بدقة خلقته ،ومودعها لطائف حكمته

ومصرف الاقدار على مشيئته، ومدبرها بقدرته ،

ابتدع الخلق بحكمته ، وانشأهم بقدرته،

واجرى الامور على مشيئته، وصرفها على ارادته.

والله عظيم في قدره ،عزيز في قهره

عالم بحال العبد في سره وجهره."

قلت : كم نحن بحاجة يا بني لتبين حقيقة ايماننا بقضاء الله وقدره ؟

يا بني ؛ بين صدق الايمان بالله من عدمه ، الايمان بقضائه وقدره

وفي هذا يقول ابن عباس :

"الايمان بالقدر نظام التوحيد ، فمن كذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده ،

ومن آمن بالقدر صدق ايمانه توحيده"

فتعال معي نستعرض بعضا من آيات الله ، ففيها الكفاية والغنى

قال تعالى :

- إنا كل شيء خلقناه بقدر... ( القمر 49)

- وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ... (الحجر21)

- ما أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(التغابن11)

- وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا
(الاسراء 13)

ثم أردفت

تعال نستعرض معا بعضا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

واوضح الدلالة في الحديث الشهير الذي اورده مسلم

" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة

مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح

ويؤمر باربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله وعمله وشقيِّ أو سعيد ،

فوالذي لا اله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه

وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ،

وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق

عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها .

فاشار الي قائلا : لقد تذكرت ايضا يا ابي حديثا رواه الترمذي عن ابن عباس

" يا غلام إني أعلمك كلمات ، إحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،

اذا سألت فا سأل الله ، واذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم ان الامة لو

إجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ،

وان اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك ،

رفعت الاقلام وجفت الصحف."

قلت : نعم وهو حديث حسن صحيح ، وله وجوه اخرى

قال : ولكن ما معنى القضاء والقدر يا ابي ؟

قلت : القضاء لغة ؛ الحكم والأداء

والقدر ؛ مقدار الشيء وحالاته المقدرة له

واصطلاحا فالقضاء : عبارة عن الحكم الكلي الالهي في اعيان

الموجودات على ما هي عليه من احوال جارية في الازل الى الابد

اما القدر ؛ تعني تعلق الارادة الذاتية للاشياء في اوقاتها الخاصة

(زمان معين وسبب معين ) فالله كتب مقادير العالم الى قيام الساعة ،

ثم لكمال قدرته وعلمه يخرج ذلك المقدر طبق ما قدره الله في كميته

وكيفيته وزمانه ومكانه ، علما ان الله على كل شيء قدير.

والايمان بالله وبقدرته يستلزم الايمان بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته

وانظر الى عمق الفهم وادراك المعنى في قول ابن مسعود رضي

الله عنه بقوله : " لا يؤمن العبد حتى يؤمن بالقدر ،

يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،

ولأن أعض على جمرة حتى تطفىء أحب الي من ان اقول لأمر

قدره الله ليته لم يكن ".

فاعلم يا ولدي ان الآجال والارزاق والبلاء والمصائب والحسنات

كلها بقدر من الله تعالى ، ولا يحول ذلك ان تبقى السيئات من كسب يديك .

وفهمك وايمانك يدفعانك الى العمل مستعينا بالله متوكلا عليه سبحانه

وما كان غير ذلك من تقاعس وتواكل بحجة حتمية القضاء والقدر

فانما هي حجة واهية ، وفهم مغلوط ، وقلة حيلة

قال ولدي ضاحكا ، لقد تذكرت قول الشاعر

لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ---سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لامور ليس يدركها ---------- فالنفس واحدة والهم منتشر
*******************

أمين قلاوون

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)