رحلة الى وادي نهر الجوز

رحلة الى وادي نهر الجوز

‏
انطلقنا نيمم شطر الوادي ، سعداء بجمعنا وهدفنا

يردد الوادي صدى شعاراتنا ، فيزيدنا ذلك متعة الى متعة

يصرخ احدهم ونردد ورائه باعلى ما تستطيعه حناجرنا

الله غايتنا ،الاسلام ديننا ، الرسول قدوتنا ، القرآن دستورنا ، والموت في سبيل الله اسمى أمانينتا

وآخر يصرخ في مقدمة المسير

طيبا على طيبا ، فيررد الجميع: طيبا

ويردف بعدها ببقية المأثور في مثل هذي الحال

منا البنا ، قدوة للجنة

منا السباعي ، للحق داعي

منا الفرغلي ، ابدا ما يولي

منا فيصل ، للحق فيصل

منا فتحي ....الخ

والاخوة لا يغمطون الخروف حقه في الاطمئنان عليه كل ما مر بعض من وقت

ولن يبرح اي منهم هذه المسؤولية طول الطريق

وكلما نظر احدهم الى الخروف السمين ، منى النفس باطيب ما فيه

وقد اجتهدت ان يأتي حجم الخروف بما يكفي عددنا وربما بعض الضيوف

وقد زاد عددنا عن الستين .

وصلنا الى الوادي الجميل ، والرحلة على اي حال لم تكن لتستغرق وقتا طويلا

فبلدتنا تتكىء على سفح الجبل ، وفي واديها يستوطن نهر الجوز

وكلما اقتربنا من النهر ، كان يشتد ترحيبه بنا ، بذلك الخرير الذي لا ينقطع

يتابع ترتيله ، غير عابىء ببرنامجنا ، يكفيه تمايل اغصان الشجر طربا على ضفتيه

ويكفيه ان يجد فينا ذلك الحب الرائع بين شباب ، تحابوا في الله

فاجتمعوا عليه ، في متعة من وقت يقضونه بين احضان الطبيعة

يتعلمون فقه الاخوة ، ويمارسون آدابها ، يتسابقون الى بذل الود فيما بينهم

حتى الوقت لم يبخل عليهم بفضل، منحهم الفرصة لتاكيد ما تعلموه في حلقاتهم

وبسط لهم ما يحتاجونه ، فكان بعضه للعب ، وبعضه لتدبر بعض آيات من كتاب الله

وبعضه لمسابقة "سؤال وجواب" وجائزة تنتظر الفائزين

وغيرها من مسائل لطيفة ، تريح النفس والعقل والروح

ولا ينسى الاخوة لعبة شد الحبل وقطع المسافة باستخدامه بين ضفتي النهر ، او الخوض في مائه

وبعض الاخوة قد نذر نفسه لذبح الخروف وسلخه و تحضير مواقد الشواء والغداء

وكل ذلك ينضوي لوائه لهدف مرسوم وحاجة مرجوة

انه تعميق اواصر الاخوة ومعاني الحب في الله ، وروح التعاون بين الاخوة

وحتى يستيقن الاخوة أن الحب في الله يمضي خيرا في حياتهم ومعاشهم واموردينهم ودعوتهم

ذلك لان من تحابَّ في الله لم يتفرق حبه أبدا

ولان مجالسة أهل الديانة يجلو عن القلب صدأ الذنوب

وانك ما استكثرت من الاخوان الصادقين في اخوتهم ، فانك في منعة ما دمت في صحبة

فان احتجت اليهم نفعوك ، وان تفرقوا عنك لن يضروك ،وان غابوا عنك فانهم لن ينسوك

وجليس الخير كمثل العطر ، يعبق بك اريجه وريحه كل حين

واخيرا عمت رائحة الشواء المكان ، فاستبشر الجمع خيرا ، فقد أزف موعدنا مع الخروف

مد الطعام فوق البساط الربيعي الاخضر ، ومددنا ايادينا نتسابق الى اسياخ اللحم المحمر

كم كنا سعداء حين اعلن قائد الرحلة (كنت انا القائد) آذنا بالبدْ في تناول الغداء

وقد قدم لذلك بخطاب رقيق حول رحلة الخروف وتضحيته بالروح والدم فداء لاخوتنا

وانه يتسحق التكريم باكل لحمه وشكر الله على فضله ونعمه

طبعا الكل مشدود بعينيه وقلبه ويديه ينتظر اشارة الهجوم المنظم ،

وكلام القائد يدخل من اذن ليخرج من الاخرى ، وهل هذا وقته ؟؟!!

الا ان الخيبة كانت كبيرة ، ونحن نشد على اللحم المشوي باضراسنا وانيابنا

كان اللحم قاسيا ، غير ان الجوع اشد قساوة

وانقلب المشهد الى حال من هستريا ، ضحك وتعليقات وغمز وهمز ولمز

مضت على تلك الرحلة سنون عديدة ، وما زلنا كلما التقينا نذكر الخروف واللحم الذي تركنا أكثره للذئاب

لم تنقطع زيارة الاخوان الى ذلك الوادي

منذ ايام ، جيل آخر بات ليلته مخيما هناك

كان اولادي الشباب ، ثلاثتهم هناك

طبعا كانت وصيتي ان يتجنبوا الخروف

ربما بعض البطاطا تفي بالحاجة

المهم ان يفقهوا درسهم في معاني الاخوة

*************

أمين قلاوون