واقع الامة وثورة الحرية

بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء

عندما حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الامانة وسعى بها في الارض ، كانت في حقيقتها

ثورة على واقع مر ،وبناء صيغة جديدة لامة واعدة ، أضحت خير أمة أخرجت للناس ، بما حباها الله

من شرف التكليف ولتتابع المسيرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي بهذا الوصف

أمة ربانية ، صاحبة رسالة وقضية ، أمة تتعبد الله تعالى بالدعوة الى ما فيه الخير والعدل والحرية

والطهارة وتقدير للانسان بما هو قيمة ، بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه .

هذه الرسالة (القضية) تستند الى اركان ثابتة ، منها ما يتعلق بالعقيدة ومنها ما يتعلق بالعبادات ،

ومنها بتربية الفرد و الجماعة والامة ، ومنها ما يتعلق بالغاية والوسيلة وغيرها.

هذه الثوابت يستند اليها المسلمون في حراكهم الدعوي والسياسي والاجتماعي وغيره ،

، سواء في علاقتهم بعضهم البعض ، أوفي تعاملهم مع الآخر من غير ابناء الملة

وجعلوا في ذلك ادبا وفقها ، لا سيما في فقه الخلاف والاختلاف ، وأدب الحوار واحترام الراي

والراي الآخر ، بين افراد الامة وجماعاتها في امور كالسياسة والمصالح العامة ، شرط احترام

الثوابت اذ لا عصمة لاحد بعد رسول الله ، ولا احد يملك الحقائق المطلقة ، انما هو اجتهاد في

اطار المسؤولية والواجب ، لذلك استحق المسؤول المجتهد اجران ان اصاب واجر اذا أخطأ.

من البديهي ان تعتقد أي فئة ناشطة طالما التزمت الثوابت التي عليها الامة انها على حق

في مسيرتها واسلوب عملها ونظرتها للواقع ، غيرأنه يعوذها التماس القاعدة الذهبية

"نحن على صواب يحتمل الخطأ ، وغيرنا على خطأ يحتمل الصواب"

هذه الفرجة التي تفتحها القاعدة الذهبية ، تؤسس لعمل مشترك بين فئات الامة ،

وتفتح بابا لقيمة أخرى من قيم العمل المشترك في اطار المفاهيم والثوابت الاسلامية :

" نعمل معا فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ".

في نظرة متفحصة لواقع الامة نجدها بافرادها وجماعاتها ابعد ما تكون عن التزام الثوابت التي

ذكرناها ، رغم التردي الفظيع والتخلف المريع والظلم والقهر والاستبداد والتمزق الذي يصيبها .

اذا ما المشكلة واين الحل ؟

المشكلة اولا تربوية .
*****************
فمجتمع المسلمين اليوم فقد بوصلته ، واختلطت المفاهيم واختلت المرجعية التربوية ،

واصبحت الاولوية للتربية الجنسية على الاسلوب الغربي ، ولتربية الفضائيات ، وافلام الكرتون ..الخ ،

وفقدت الام قدرتها على القيام بدورها ، بعد ان مسحت شخصيتها ، وانعدمت قدراتها ،

واصبحت جسدا بلا روح.

والحل:

1- أن تتضافر جهود الهيآت والمؤسسات الدعوية لاصلاح المناهج التربوية ، سواء عبر المؤسسات

التعليمية الرسمية او الاهلية او حتى المساجد .

2- ثم لا بد من الاهتمام بالمرأة باعادة بناء شخصيتها وتأهيلها على هدي النبوة ،فهي نصف

المجتمع وأما للنصف الثاني ، فهي بذلك صانعة رجال المستقبل .

3- ثم علينا أن نأخذ بيد اولادنا الى حدائق الخير على طريق الجنة ، تربية وتثقيفا

4- ولنعيد بناء الشخصية المسلمة التي يحبها الله ورسوله

المشكلة الثانية :تتعلق بشخصية الامة

****************************
مع الغاء الخلافة الاسلامية عمل اعداؤنا على تفتيت الامة الى دول وقوميات واثنيات ،

وتركوا بزورا لخلافات دائمة ، بين هذه التجمعات المصطنعة ، ثم قالوا لكل فريق في هذه الكيانات

كما قال شيطان قريش : اني جار لكم ، فاصبحنا سوقا استهلاكية لمصنوعاتهم ، ومواردنا بقبضة

مصالحهم ، ناهيك عن زرع الغدة السرطانية (اسرائيل) ، ثم زرعوا الشقاق بين السلطة والشعب ،

وباتت السلطة تخشى الشعب ، والشعب لا يطيق السلطة ، فضاعت شخصية الامة ،

وضاع قرارها ، وضاعت معها الكثير من الكرامات ، وحل محلها الظلم والوهن، وتعددت الغايات

والاهداف بعدد الكيانات ، ولربما اصبحت غاية كل فريق الحفاظ على المكتسبات الخاصة ،

والتضحية من اجلها حتى بكرامة الامة .

فضاعت الامة وضاعت الحرية وضاع معها العدل والحق والقوة ، واصبحت كهشيم تزروه الرياح.

الحل :

ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ، وتغيير الواقع يحتم على ناشطي الأمة سواء كانوا جماعات

اسلامية او وطنية ، ان تلتقي على قضية ولو اختلفت في اساليب تحقيقها ، واهم قضية نطرحها

اليوم هي الحرية ، هذه الحرية بدونها لا يمكن تحقيق القضايا الاخرى ، وسوف تبقى معلقة .

وفي السياسة علينا ان نعيد ترتيب الاولويات ، ويجب ان تكون فلسطين قضية المسلمين المركزية ،

الا انني اكاد اقسم ، اذا لم نحقق الحرية في اوطاننا لن تعود ابدا فلسطين ، ذلك لان الانظمة ،

كل الانظمة في كفة الميزان ، وكلهم يحول دون تحقيق حلم تحرير فلسطين.، ذلك بانهم باتوا

جزءا لا يتجزأ من نظام المنطقة ، الذي تديره اميركا ومن لف لفها ، وتوزع من خلال ذلك الادوار ،

فالمايسترو اميركي ، وكاتب النوتة اسرائيلي، والعازفون ، لا يجرؤن الخروج على النوتة

والتزام توجيهات المايسترو ، والكل هنا سواء والى آخر المعزوفة ،

فقط المسرح عربي واسلامي .

.............................................................................

اترك لاضافاتكم تملأ السطر الفارغ ، وما أكثر السطور الفارغة في هذه الامة .

أمين قلاوون

» الحرية اساس الفضيلة
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)