احذر الهوى (مدارج الصالحين)

(ما بين الحب والفوضى- احذر الهوى)
****************************

يا صديقي ، زُينت لك الدنيا بشهواتها ، وشرعت لك أبوابها ،

نساء وبنين ، قناطير مقنطرة من ذهب وفضة ، خيل مسوّمة ،

انعام وحرث ، دور وقصور ...الخ ، ذكَّرك الله بها في كتابه

" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ( 14-آل عمران) ،

فلا تجعلها تغرقك ، فتخذلك !! فتنسيك متعا اعظم وأسمى

متع لا يدركها الا اصحاب الهمم العالية ، و النفوس العظيمة ، والقلوب المبصرة ،

هل جربت يوما متعة الاهتمامات الكبيرة ؟

اهتمامات ترتبط بك انت كانسان مكلف ، ومؤتمن ومستخلف

ألا يرضيك ، أن تنال حظك من متع الدنيا تلك ، على عين الله

فتأخذ منها برضى ، بروحك واحاسيسك قبل جسدك ، فتملكها ولا تملكك

فتدرك معها عظيم نعم الله عليك ورحمته ،

وستدرك معها سمو معاني الحب ، تظللها رحمة الله

ألا يرضيك ان الله وعدك بمغانم اعظم وأرقى واحب ،

تنالها ايضا بروحك واحاسيسك ، في عالم الحب ، حيث لا حسد ولا بغضاء

مهلا !! ..ربما لو تأملت ابن آدم لأخذتك الشفقة به

الا تراه يركض لادراك متاع الدنيا في لهاث وكدر مستمر ، وهمٍّ دائم،

الا من عمَّر الله قلبه بالايمان ، فتراه راضيا بما قسم الله له !!

وغير ذلك ستجد الفوضى تغمر حياته وكيانه !!

فراغ في القلب !!. خواء في الروح !!. هوىً متبع ، قلق دائم ، همٌّ وفزع!!

( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ( 23 -الجاثية) )

فاتباع الهوى مدخل عظيم من مداخل الشيطان ، وتحول كبير عن جادة الحق ،

وضلال وفتنة ، وظلم للنفس ، وإفساد في الارض .

يا صديقي ..لو تأملت .!!

لوجدت متبع الهوى وقد اختلَّ ميزان قلبه ، فيخلط بين الوهم والحقيقة

والقلب لا يحتمل الفراغ ، فلا تدع الفوضى تدب في أركانه

فقلب المؤمن عامر بحب الله ، فاذ أحبَ الله أحبهُ الله ،

واذا أحبه الله ، القى محبته في قلوب عباده ، واستقام على أمر الله ،

فاحبه الناس ، فآنسوا به ، وآنس لهم ، الا تراه حبا عظيما؟؟.

فان فعل ، تلونت حياته بالحب ، لأهله ،لأسرته ، لجيرانه ، لبلدته ووطنه

ومن أدرك ذلك ،تنامى عنده حس المسؤولية ، وعلت همته ، وسمت نفسه

فاستقامت اخلاقه ومعاملاته وسعيه ، واستقام فكره ، وحَسُنَ ظنه

فاذا فعل ، ستراه عند مقدم الركب ، يسعى في حاجة ناسه ووطنه

بالله عليكم اليس هذا هو مبلغ الحب !!

وقد قيل من لم يكن فيه الخير لاهله ، فلا خير فيه لوطنه

وعلى النقيض من ذلك فالأخر ، تختلط عليه حتى معاني الحب ومفاهيمه ،

فلا يراه الا في النساء ، وعند حدود الرغبات والمتع ، فتراه صريع الهوى

وتدب الفوضى في اوصاله ،فلا يميز بين حلال وحرام ، ولاتغنيه امرأة عن سواها

فساءت أخلاقه ومعاملاته ،وساء ظنه وساء فكره في قضايا الاسلام والمسلمين

وربما باع وطنه وأهله بدريهمات.فاستحق كره الناس وغضب الله.

يا صديقي : لقد كثر الخبث في واقع المسلمين ، وبات ذلك ايذانا بخطر يتهدده ،

وسنن الله قائمة في الناس والامم ولقد حذر الله من ذلك ،

واعلم أن وجود القلة الصالحة المنغلقة على نفسها ، لن يحول دون ذلك

سألت زينب يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث"

يا صديقي ان مصلحة الامة وضمان أمنها مرهون بما يبذله دعاة الخير من ابنائها ،

في الدعوة الى الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر،ومحاربة الانحراف

هذه الضرورة تجعل منه واجبا شرعيا وفريضة عين ،

ويؤكد وجوب ذلك أمر الله في قوله:

• " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ آل عمران"*

*********************

أمين قلاوون