تبسمك في وجه أخيك لك صدقة (مدارج الصالحين)

تبسمك في وجه أخيك لك صدقة
***********************

قديما قيل : اضحك تضحك لك الدنيا

وتأملت ..!! فوجدت الضحك صفة متميزة لدى ابن آدم ، ومبعث السرور

الى النفس ، ووسيلة للتواصل والتأثير ، وربما كان لغة مشتركة بين بني البشر

ولقد شد انتباهي ذلك العنوان " الرابطة الألمانية لأطباء العلاج بيوجا الضحك"

ومقرها ميونيخ، وسمعت بغيرها ايضا وتسائلت ..!!

هل الامر يستحق كل هذا الاهتمام ؟..

وتتبعت راي هذه المؤسسات (أندية الضحك) في المسالة .!!.. يقولون :

- الذين يضحكون هم الذين يتمتعون بحالة نفسية وصحية أفضل ،

- الضحك يساعد على التحرر من ضغوط الحياة واعبائها

- أثناء الضحك "تسترخي العضلات والنتيجة النهائية دورة دموية أفضل لها

- الضحك يساعد في تفتيت هرمونات الإجهاد وبناء الهرمونات المرتبطة بالسعادة

- ويساعد ايضا على زيادة قدرة الجهاز المناعي للأوعية الدموية وبالتالي الوقاية من أمراض القلب.

- و يساهم في زيادة مادة الإميونوجلوبين التي تحتوي على أجسام مضادة وتكون موجودة في اللعاب وهي التي تقمع الهجمات الجرثومية على الجهاز التنفسي

- يوتر الضحك عضلات العينين وينشط العواطف الإيجابية في المخ

وان كان الضحك صفة طيبة ،فانما يكون ذلك في اطار الاعتدال ،

فما زاد عن حده نقص، وما خرج عن طوره انقلب الى ضده ،

فوجب ضبط الامر على ايقاع السنة النبوية الشريفة .

" يا أبا هريرة:... أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب "

( رواه ابن ماجه وصححه الألباني)

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهش للدعابة، ويضحك للطرفة ،

وكان ضحكه مشتملا على كل المعاني الجميلة والمقاصد النبيلة ،

فبقدر ما اراد به المداعبة والمواساة والتأليف ، فقد اراد التربية

والدعوة والتوجيه

الا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر التبسم دون غيره

لما فيه من وقار

رأيت ذلك في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود عن ادنى أهل

الجنة منزلة ، قال:

" فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه"

وضحك ايضا في موقف لا اتصور ان يضحك فيه احد غيره ، كان ذلك

عندما جذبه بشدة ذلك الاعرابي الجلف بردائه حتى أثرت حاشية

الرداء على صفحة عاتقه صلى الله عليه وسلم ، ثم قال:

يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك،

فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء .

وضحك صلى الله عليه وسلم عندما تلقف البشرى في رؤيا رآها ،

وراى فيها انتشار الاسلام

(ناس من أمتي، عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج - وسط- البحر، ملوكاً على الأسِرّة، أو مثل الملوك على الأسرة ) متفق عليه

هذه مجرد أمثلة والاحاديث كثيرة ، ويبقى التبسم سيد الموقف

في وصف ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

وما كان غير ذلك وتجاوز الحد فقد ذمه السلف وكرهه اهل العلم

(كراهة تنزيه )

وفي الحديث: ... ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.
رواهالترمذي وحسنه الألباني.

وقال الحسن البصري رحمه الله: ضحك المؤمن غفلة من قلبه.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته.

والضحك المذموم هو ما استُغرِقَ فيه مع القهقهة ويزيده انكارا رفع

الصوت الى درجة الايذاء

والضحك المحمود ، ما كان تبسما ، ولا يُسمَع له صوت

والانسان في رحلة الحياة وعنائها بحاجة الى واحات لطيفة يأنس

اليها ليخفف عنه بعضا من عناء ، فتراه يبتكر اساليبا يروح بها عن

نفسه ، فكانت النكتة والطرفة والقصة والمسرح وغيرها .

وربما كانت النكتتة والطرفة وغيرهما وسائل فعالة لبث الرسائل

السياسية في زمن الاستبداد وقمع الحريات ، ولا ننسى تلك

الوسائل الشعبية المستحدثة "الأراجوز" ، ومثله "خيال الظل"

وربما "الفوازير" والامثال ، والمسرح ....وسائل شعبية فكاهية ،

والقصد منها ، ايصال رسالة تختلف بمقاصدها بين الثقافة

والسياسة والفكر ،اضافة الى الترويح عن النفس بهذا الاسلوب اللطيف

وحتى يبقى الضحك في اطار المشروع يفترض تقيده بجملة من الضوابط

أولها : ألا يكون الكذب والاختلاق أداة الإضحاك للناس، كما يفعل
------
بعض الناس في أول إبريل - نيسان - فيما يسمونه "كذبة إبريل".

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:

[ويل للذي يُحدث فيكذب، ليُضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له ] .
[رواه أبو داود والترمذي].

ثانياً: ألا يشتمل على تحقير لإنسان آخر، أو استهزاء به وسخرية منه،

إلا إذا أذن بذلك ورضي.

ثالثاً: ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم.

رابعاً : ألا يهزل في موضع الجِد، ولا يضحك في مجال يستوجب البكاء،

فلكل شيء أوانه، ولكل أمر مكانه، ولكل مقام مقال،

والحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب.

خامساً : أن يكون ذلك بقدر معقول، وفي حدود الاعتدال والتوازن،

الذي تقبله الفطرة السليمة ، ويرضاه العقل الرشيد ،

وبين هذه وتلك اترككم برعاية الله مع ابتسامة من القلب مشفوعة

بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

": تبسمك في وجه أخيك لك صدقة.
رواه الترمذي وصححهالألباني.

أمين قلاوون

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)