فضيلة العقل (مدارج الصالحين )

فضيلة العقل
*********

يكثر الحديث عن قصور المرأة في ادراك قوة العقل في حضور الرجل ، الامر الذي

منعها من تأدية بعض المهام اسوة بالرجل ، وقد استند بعضهم الى نص الحديث

( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ) - رواه البخاري وغيره - مأولين ظاهر النص بما لا يحتمله ،

علما ان النص الوارد اعلاه لا يحمل تحريما ، والتحريم بعكس المباح ، يحتاج الى نص صريح جازم ،

والامر غير موجود (في هذا الحديث تحديدا ).

فلنتحدث اذا عن العقل ومبلغه لكليهما !!.

العقل يا سادة اساس كل فضيلة ، وينبوع كل ادب ، واصل التكليف ، وعماد الدنيا ،

فاذا غاب العقل سقط التكليف ، وضاعت الفضائل وعمت الرذائل ، ودبت الفوضى ،

الا ترون تباين الناس في افهامهم ومقاصدهم ؟ .

الم تقرؤا قول الله تعالى ( لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير ) !!!

و قوله تعالى ( لينذر من كان حيا )(يس:70) أي من كان عاقلا .

وقوله تعالى" أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها " (الحج46)

والاية تدل فيما تدل ؛ ان العقل علم ، وأن محله القلب ، وانه وسيلة اعتبار وفهم وتقدير.

وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، ومرؤته خلقه .

ولذلك قالت العرب : صديق كل امرىء عقله ، وعدوه جهله .

وقالت ايضا : خير المواهب العقل ، وشر المصائب الجهل .

والعقل ،ينمو ان استعمل ، وينقص اذا أهمل ،والرجل والمرأة في هذا سواء

فقد يكون اهماله باتباع الهوى والشهوات ، واقتفاء الرذائل ، كما قد يكون بالانشغال بحكم العادة

بمسائل متكررة لا تحتاج الى بذل كثير جهد فكري ،كانشغال المرأة في شؤون بيتها ، وعائلتها .

واما نمو العقل فيكون بكثرة التجارب ، وممارسة المهام التي تحتاج الى اعمال العقل وقدح زناده ،

فيصبح العقل معه رياضيا ، متحركا مع المسائل المطروحة ، ما صعب منها او سهل ،

وقد قالت العرب : التجربة مرآة العقل ، والغِرَّةُ (الغفلة) ثمرة الجهل .

وقد يجتمع للمرء نمو عقله بالتجربة ، وسرعة الخاطر ، وحسن البديهة ، وفرط الذكاء ، فيتميز

بالحكمة او الدهاء طبقا لما تكون عليه نفسه ، وايمانه ،

فقد يكون من ثمار دهائه مكرا سيئا والعياذ بالله ،

وقد قالت العرب : كفاك من عقلك ما دلك على سبيل رشدك .

والقلب رائد الحق ، والحق من دواعي العقل ، ونظر العاقل يكون بقلبه وخاطره ،

ومن طبيعة النفس انها تنفر عن الحق ،

لذلك كان لزاما على العاقل ، ان يتهم نفسه في صواب ما احبت ، وتحسين ما اشتهت ،

حتى يتبين له الحق ، وهو بذلك حمل ثقيل لا يقوى عليه الا من هدى الله قلبه ،

ولذلك كان العباس رضي الله عنه يقول : اذا اشتبه عليك امران فدع احبهما اليك ، وخذ اثقلهما عليك .

والناظر الى ما اوردناه آنفا ، ثم الى ما جبلت عليه المرأة من صفات ومواصفات ،

وما جبل عليه الرجل ، وكل ٌّ مهيأ لأمر جلل ، يكمل بعضه بعضا ، وكلٌّ متروك الى ما أوكل اليه ، فمحاسب ،

ثم ليسأل كل منا ، أرجلا كان ام امرأة ! هل يستويان في تحمل المهام ، ولكل منها ثقله واحتياجاته ؟ .

فكل كامل الاوصاف فيما كان له ، ناقص فيما كان لغيره .

ثم ان تيسر للبعض الكفاءة والقدرة لمسائل معقدة لما ليس من تكليفاته ، فلا يمثل ذلك قاعدة ،

حيث ان لكل قاعدة بعض الشواذ .

فهل من متهم للمرأة بعدها بقصور عقلها وعدم أهليتها لبلوغ مبلغ الرجال ؟؟؟.

أمين قلاوون

» الى أمي (مدارج الصالحين)
» خوف ورجاء (مدارج الصالحين )
» الحِلم (مدارج الصالحين)
» قيم الحرية (مدارج الصالحين)
» صن حبيبتاك (مدارج الصالحين)